الغدير/ بغداد/ وكالات/
قصة الطاقة الروسية – الأوربية وما ستفعله الحرب والأكرانية بشتائها القارس .. وضع قرار روسيا وقف ضخ الغاز إلى أجل غير مسمى، أوروبا أمام معضلة غير مسبوقة.
ويُتوقع ارتفاع قيمة فواتير الطاقة بأوروبا بمقدار تريليوني يورو بحلول أوائل العام المقبل. فكيف تستعد أوروبا وألمانيا تحديدا لمواجهة هذه المعضلة؟
روسيا تستعمل الغاز كسلاح ضغط على أوروبا
وزادت موسكو من حدة التضييق على سوق الطاقة الأوروبية بتقليص تسليم شحنات الغاز رغم أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفى أن تكون بلاده تستخدم الطاقة “سلاحا” ضدّ أوروبا، وهدد بوتين بوقف شحنات الغاز الروسي إذا حدد الأخير سقفًا لأسعار النفط والغاز
وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أوزولا فون دير لاين اقترحت (7 أيلول/سبتمبر 2022) على الدول الأعضاء تحديد سقف أسعار واردات الغاز الروسي في إطار تدابير تخفيف فاتورة الطاقة.
المستشار أولاف شولتس الذي تعتمد بلاده كثيرًا على الغاز الروسي، أكد أنَّ ألمانيا ستجتاز الشتاء “بشجاعة” رغم شبح نقص الامدادات لكنَّ بوتين ألقى باللوم على ألمانيا والعقوبات الغربية واعتبرها مسؤولة عن عدم تشغيل خط أنابيب نورد ستريم 1 وأن أوكرانيا وبولندا قررتا بمفردهما إغلاق خطوط الغاز الأخرى إلى أوروبا.
صحيفة “زودويتشه تسايتونغ” الألمانية (7 أيلول/سبتمبر) كتبت معلقة على أزمة الطاقة “الآن يتعين على الكثيرين أن يتعلموا بطريقة صعبة إعادة النظر في نمط التفكير. ربما لم يتبقَ سوى شيء واحد للمؤسسات العامة والمستهلكين من القطاع الخاص، الذين يتعين عليهم مواجهة البرد في الشتاء بطريقة مماثلة ألا وهو التوفير المتواصل”.
ما بدائل الأوربية من الغاز الروسي:
واصلت شركة غازبروم ضغطها على الأوروبيين بعدما أعلنت قبل يوم من حلول أجل استئناف تدفقات الغاز عبر خط نورد ستريم 1 الذي يوصل الغاز الروسي إلى ألمانيا، أن الخط سيخضع لمزيد من أعمال الصيانة، وهو ما يعني عمليا زيادة الضغط على سوق الطاقة في أوروبا.
وكانت الشركة الروسية تجري فعلا أعمال الصيانة على الخط المذكور في الفترة ما بين 31 / آب/أغسطس والثاني من أيلول/سبتمبر الجاري. غير أن سياق الحرب والعقوبات الاقتصادية وقرب بداية الشتاء إضافة إلى استعمال موسكو للغاز للطاقة كأداة للضغط الجيو سياسي، ضاعف من مخاوف الأوروبيين وجعل أسعار الغاز تصل لمستويات قياسية.
يشار إلى أن الروس قد قطعوا فعلا إمدادات الغاز لعدد من الدول الأوروبية كبولندا وهولندا وبلغاريا.
هل تستطيع أوروبا تعويص ما نسبته 40 بالمائة من احتياجاتها من الغاز المستورد من روسيا والتي بلغت العام الماضي ما قدره 155 مليار متر مكعب؟
بعض البلدان لديها خيارات بديلة وشبكة غاز أوروبية متصلة ببعضها بحيث يمكن تقاسم الإمدادات، على الرغم من أن سوق الغاز العالمية كانت شحيحة حتى قبل الأزمة الأوكرانية. وربما تستورد ألمانيا، أكبر مستهلك للغاز الروسي في أوروبا والتي أوقفت التصديق على خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 الجديد القادم من روسيا بسبب حرب أوكرانيا، الغاز من بريطانيا والدنمرك والنرويج وهولندا عبر خطوط أنابيب.
وبهذا الصدد كتبت صحيفة “دي ستاندارد” البلجيكية (7 أيلول/سبتمبر) “لقد أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طوربيدًا ثقيلًا باتجاه أوروبا من خلال إغلاق خط أنابيب الغاز1 لفترة غير محددة، يأمل في شل سوق الطاقة الأوروبية، مما يتسبب في مشاكل مالية خطيرة للأفراد والشركات (..). بذلك يأمل النظام الروسي تقويض الدعم الغربي لأوكرانيا من خلال تعريض أوروبا للبرد”.
هل ستتراجع أوربا ولاسيما ألمانيا عن دعم أوكرانيا بسبب أزمة الطاقة؟
تضاعف النرويج جهودها، ثاني أكبر مورد للغاز في أوروبا بعد روسيا، من أجل زيادة الإنتاج للتخفيف من شح العرض. ويمكن لجنوب أوروبا استقبال الغاز الأذربيجاني عبر خط الأنابيب العابر للبحر الأدرياتيكي إلى إيطاليا وخط أنابيب الغاز الطبيعي عبر تركيا.
من جهتها أكدت الولايات المتحدة أنها على استعداد لتوريد 15 مليار متر مكعب من الغاز المسال إلى أوروبا هذا العام.
فيما تسعى إسبانيا بدورها لإحياء مشروع لبناء خط ثالث للغاز عبر جبال البرانس، لكن فرنسا قالت إن محطات الغاز الطبيعي المسال الجديدة، التي يمكن أن تكون عائمة، ستكون خيارًا أسرع وأرخص من عمل خط أنابيب جديد. ويمكن أيضا اللجوء لتبادل الكهرباء بين الدول الأوروبية من خلال تعزيز الطاقة النووية أو الطاقة المتجددة أو الطاقة الكهرومائية أو الفحم.
ويتراجع حجم المتاح منالطاقة النوويةفي بلجيكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا مع تعرض المحطات في هذه الدول لانقطاعات مع تقادمها أو وقف تشغيلها أو خروجها من الخدمة. وانحسرت مستويات المياه هذا الصيف بسبب قلة الأمطار وموجة الحر. وتسعى أوروبا منذ سنوات للتخلي عن الفحم كمصدر للطاقة في سيبل تحقيق أهداف المناخ، غير أن هذه الأهداف قد تم تأجيلها مؤقتا بعدما أُعيد تشغيل بعض المصانع منذ منتصف عام 2021 بسبب ارتفاع أسعار الغاز.
ومن الخيارات المتاحة أيضا للأوروبيين خفض استخدام الغاز، إذ اتفق وزراء الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي على تخفيض طوعي بنسبة 15 بالمئة اعتبارا من آب/أغسطس إلى آذار/مارس، مقارنة بمتوسط الاستهلاك السنوي خلال الفترة من 2017 إلى 2021، وطرحوا أهدافا على مستوى الاتحاد الأوروبي لتخزين الغاز.
وفي هذا السياق كتبت صحيفة “نيبسزافا” المجرية اليسارية الليبرالية (السادس من سبتمبر): “يواجه الاتحاد الأوروبي أشهرًا صعبة للغاية، والسؤال الأكبر هو ما إذا كان سيتمكن من الحفاظ على الدعم الشعبي للعقوبات ضد روسيا. وشككت الأحزاب الشعبوية اليمينية في الشعور بالإجراءات العقابية ضد موسكو (…). ستكون الأشهر القليلة القادمة أكبر محنة للاتحاد الأوروبي. ولكن إذا نجح في البقاء وإصلاحه (الاتحاد الأوروبي) من خلال تدابير استباقية، فقد يصبح أقوى من أي وقت مضى”.
هل تستطيع أوربا النجاح في استعمال الطاقة البديلة؟
كشفت دراسة نشرت في (الثامن من سبتمبر) أن دول الاتحاد الأوروبي قامت بإنتاج كمية قياسية من الطاقة الشمسية هذا الصيف. الدراسة أصدرها مركز الأبحاث “إيمبر كلايمت” الذي أوضح أن التكتل القاري أنتج ما قدره 99.4 تيراواط / ساعة من الطاقة الشمسية بين شهري أيار/ مايو وآب / أغسطس من العام الجاري، بزيادة قدرها 22 تيراواط / ساعة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وتُقدر قيمة هذه الطاقة الشمسية الإضافية بنحو 29 مليار يورو من واردات الغاز. وتحتل الطاقة الشمسية نسبة 12% من مجموع الطاقة المنتجة في الاتحاد الأوروبي بين أيار/ مايو وآب/ أغسطس، مقارنة بـ 9% خلال العام الماضي. الدراسة كشفت أن 18 من أصل 27 دولة في الاتحاد الأوروبي حطمت أرقامها القياسية الخاصة بحصتها من الطاقة الشمسية المنتجة.
واحتلت هولندا المرتبة الأولى بنسبة 23%، تليها ألمانيا (19%) ثم إسبانيا (17%). وحققت بولندا أكبر قدر من التقدم في تنمية قدرتها الشمسية، حيث زادت الطاقة المولدة من الطاقة الشمسية 26 ضعفا منذ 2018. وأنتجت بولندا هذا العام 8% من إجمالي طاقتها من الطاقة الشمسية. وأظهرت الدراسة أن الطاقة الشمسية تمثل بديلا جيدا لكنه لن يحل جميع المشاكل على لمدى المنظور. ذلك أن “الرياح والشمس لا تستطيعان لوحدهما تشغيل اقتصاد قوة صناعية، ويبدو بالتالي أن الطاقة النووية هي الحل البديهي. لكن الأمر ليس بتلك السهولة في ألمانيا، حيث يتعمق العداء الثقافي والسياسي للطاقة النووية”، وفق صحيفة “وول ستريت جورنال الأمريكية (7 أيلول/سبتمبر).
هل تستطيع أوروبا وقف استيراد الوقود الأحفوري النووي من روسيا إجراءً مماثلَ
ما تزال موسكو تحقق مكاسب قوية من بيع الوقود الأحفوري الروسي إلى الاتحاد الأوروبي، رغم العقوبات وانخفاض الواردات.
وبلغت قيمة واردات الاتحاد الأوروبي من مصادر الطاقة الروسية 60 مليار يورو (64.4 مليار دولار أميركي) منذ شنّ روسيا حربها على أوكرانيا في فبراير/شباط الماضي، حسب أداة تتبُّع حديثة طوّرتها حملة “يورب بيوند كول” أو “أوروبا ما بعد الفحم”.
(اليورو = 1.07 دولارًا أميركيًا)
وترى الحملة أنه كان من الممكن استغلال هذه الأموال لتمويل مصادر الطاقة المتجددة بدلًا من مواصلة أوروبا اعتمادها على الوقود الأحفوري الروسي، وفقًا لما نشره موقع إمرجينغ يورب (Emerging Europe).
وتأسست الحملة عام 2017، وتضم مجموعة من منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء القارّة الأوروبية، وتهدف إلى إنهاء اعتماد أوروبا على الوقود الأحفوري، والانتقال العادل إلى الطاقة المتجددة بحلول عام 2035، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
نفقات الاتحاد الأوروبي
كشفت الحملة أن الاتحاد الأوروبي أنفق قرابة 32.5 مليار يورو على النفط الروسي، و25.9 مليار يورو على الغاز، و1.6 مليار يورو على الفحم.
وأظهرت حسابات الحملة أن القارّة أهدرت هذه المليارات على الوقود الاحفوري منذ غزو أوكرانيا، وكان بإمكانها تنفيذ العديد من المشروعات الخضراء، والتي تشمل إضافة 735 ألف من الخلايا الشمسية على الأسطح، و7 آلاف و300 مزرعة شمسية بحجم ملاعب كرة القدم.
ويضاف إلى ذلك تركيب 1900 توربين رياح بري، و300 توربين رياح بحري، وما يقرب من مليون مضخة حرارية، وبناء 270 ألف منزل معزول حراريًا.
وصرّحت مديرة الحملة، كاثرين غوتمان، أن الحكومات وقطاع الطاقة بحاجة إلى إنهاء نفقات الوقود الأحفوري فورًا، والاستثمار في الطاقة المتجددة، إذا أرادا إحلال السلام، وتحقيق استقلال الطاقة، والتصدي لتغير المناخ، وغلاء المعيشة.
الحظر الأوروبي
في أبريل/نيسان، وافق الاتحاد الأوروبي على حظر جميع واردات الفحم الروسي بدءًا من أغسطس/آب المقبل، في حين وافق الأسبوع الماضي على حظر جزئي لواردات النفط الروسي.
وسيتمكّن الاتحاد الأوروبي من حظر 90% من واردات النفط الروسي بحلول نهاية 2022، إلّا أن دولًا، مثل التشيك والمجر وسلوفاكيا، ضمنت إعفاءً على الواردات من خطوط الأنابيب.
وحتى الآن، لم يتطرق الاتحاد الأوروبي لفكرة فرض عقوبات على صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا، إلّا أنه كشف في مايو/أيار عن خطة لإنهاء القارّة اعتمادها على جميع أنواع الوقود الأحفوري الروسي بحلول عام 2027، بما في ذلك الغاز، وتسريع تحولها إلى الطاقة المتجددة، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
أوروبا رهينة
في الوقت نفسه، تواصل روسيا ممارسة ضغوط سياسية كبيرة على الاتحاد الأوروبي من خلال اللعب على وتر احتياجه الشديد للطاقة، وعدم امتلاك قدرات خضراء تدفعه للتخلي عن الوقود الأحفوري الروسي. ولم يستفد من حالة التقلبات وعدم الاستقرار في أسواق الطاقة نتيجة العقوبات سوى روسيا.
ووفقًا لإحصاءات بنك روسيا، يمثّل العام الجاري عامًا قياسيًا للخزانة العامة الروسية، وتحقق روسيا -حاليًا- فائضًا في الحساب الجاري بقيمة 96 مليار دولار، على خلفية ارتفاع أسعار السلع الأساسية.
ووفقًا لتقديرات بلومبرغ، تتوقع وصول إجمالي إيرادات النفط والغاز لهذا العام إلى 285 مليار دولار.
وقالت قائدة حملة “ستاند ويز أوكرين”، سفيتلانا رومانكو: “إن دول الاتحاد الأوروبي تغذي حربًا وحشية على بلادنا، وصراعات في أماكن أخرى من العالم من خلال شراء الوقود الأحفوري الروسي”.
وترى أن دول الاتحاد الأوروبي ملزمة أخلاقيًا لإنهاء ما وصفته بـ”المهزلة”، من خلال فرض كامل على جميع واردات الفحم والنفط والغاز من روسيا.
أميركا وأوروبا تستوردان النفط الروسي بغطاء هندي.. كوميديا العقوبات وتابعت: “لن يشكرهم الأوكرانيون فقط على ذلك، بل ستشكرهم شعوبهم -أيضًا-، لأنهم على المدى الطويل سيحققون أمن الطاقة وخفض فواتير الطاقة”.
وتحاول البلدان الأوروبية تقليل اعتمادها على النفط والغاز الروسيين منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط عام 2022.
وأعلن الاتحاد الأوروبي أنه سوف يخفض وارداته من الغاز الروسي بنسبة الثلثين في غضون عام، لكنه لم يفرض حظرا تاما عليها.
وتعتبر روسيا لاعبا رئيسيا في أسواق الغاز العالمية، ففي عام 2021، زودت البلاد أوروبا بقرابة 45 في المئة من احتياجاتها من الغاز. ولكن نصيبها من إنتاج اليورانيوم أصغر بكثير حيث أنتجت 8 في المئة فقط من إجمالي الإنتاج العالمي في عام 2019.
لكن تعدين اليورانيوم يعتبر الخطوة الأولى فقط في عملية انتاج الوقود النووي.
ويقول الدكتور مات بوين الباحث في جامعة كولومبيا الأمريكية إن “روسيا لها وجود ضخم جدا في المرحلتين التاليتين من عملية إنتاج الوقود في الأسواق العالمية”.
ولصناعة الوقود النووي، يتعين استخراج اليورانيوم من الأرض، ثم سحقه وتحويله إلى أكسيد اليورانيوم. وبعد ذلك، يُحول إلى سداسي فلوريد اليورانيوم (وهو مركب قابل للتخصيب)، والذي يستخدم أخيرا في صنع قضبان الوقود النووي.
ويقول بوين، مستشهدا بتعليق شارك في كتابته لمركز سياسة الطاقة العالمية التابع لجامعة كولومبيا: “نصيب روسيا من عمليات التحويل النووي في عام 2020 بلغ 40 في المئة، كما بلغ نصيبها من عمليات التخصيب في عام 2018 نسبة 46 في المئة”.
لكن الدور الروسي لا يقتصر على تصدير الوقود النووي، إذ إن روساتوم هي أكبر مصنّع للمفاعلات النووية في العالم. وفي عام 2021، كانت تخطط الوكالة النووية التابعة للدولة الروسية لبناء أكثر من 12 مفاعلا في مختلف أنحاء العالم، من بنغلاديش إلى تركيا.
ويقول بوين إن “على الغرب اتخاذ خطوات لتقليص دور روسيا، لكن نظرا لضخامة ذلك الدور، سوف يتطلب الأمر قدرا من الاستثمارات ويستغرق بعض الوقت”.
وسوف يُمثل تقليص الدور الروسي في سوق الطاقة النووية في الغرب تحديا أيضا لأن الكثير من المفاعلات العاملة وتلك التي لا تزال تحت الإنشاء تستخدم تقنية روسية.
في أوروبا فقط خلال عام 2021، كان هناك أكثر من 30 مفاعل VVER روسي.
ويرمز اختصار VVER إلى “مفاعل القدرة المائي-المائي”، وهو في الأصل تصميم سوفيتي. وفي الوقت الحالي، تعمل غالبية تلك المفاعلات بالوقود الذي تزودها روسيا به.
وتضم منشأة زابوريجيا التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا، والقريبة من خطوط القتال الأمامية، 6 من بين العديد من مفاعلات VVER الموجودة في البلاد.
وتحصل أوكرانيا على نحو نصف طاقتها من مصادر نووية، كما هو الحال بالنسبة لسلوفاكيا والمجر.
ويسعى تحالف Energy Transition Coalition إلى تنبيه السلطات الأوروبية إلى أن الكثير من بلدان القارة ربما لن يكون أمامها خيار أخرى سوى الاستمرار في شراء الوقود الروسي.
وتقول ليتفين:”بلدان مثل بلغاريا والمجر لا تستطيع التحول إلى أنواع أخرى من الوقود لأنها عملية معقدة”.
ويشرح سليفاك قائلا: “إذا كان لديك منشأة طاقة تعمل بالغاز أو الفحم، فأنت بحاجة فقط إلى تزويدها بالغاز أو الفحم. ولكن بالنسبة للطاقة النووية، لا يحتاج الأمر مجرد وضع اليورانيوم في المفاعل، بل إنك بحاجة إلى تصنيع القضبان النووية المناسبة لكل نوع من أنواع المفاعلات”.
ويقول بوين إنه حتى لو كان من الممكن الاستعاضة عن الوقود النووي الروسي بآخر، فإن البلدان التي لديها مفاعلات VVER قد تضطر إلى مواصلة اعتمادها على روسيا للحصول على المكونات والخدمات اللازمة.
ويضيف أن تقليل الاعتماد على روسيا ليس مستحيلا، ولكن من الصعب تحديد الوقت الذي سيستغرقه ذلك.
بعد يومين من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، أعلنت فنلندا أنها ستنسحب من عقد كانت قد أبرمته مع وكالة روساتوم لبناء ثالث منشأة نووية في البلاد. وتعللت فنلندا بمخاطر ذات صلة بالحرب في أوكرانيا.
لكن الحرب لم تثنِ المجر، وهي أيضا من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، عن المضي قدما في تنفيذ اتفاق نووي كانت قد أبرمته مع روسيا في عام 2014. فقد أعلنت وزارة خارجية المجر في أغسطس /آب أن روساتوم سوف تبدأ في العمل على مشروع تكلفته 12.4 مليار دولار أمريكي – معظم تمويله روسي – لإنشاء مفاعلين نووين.
ويصف سليفاك روساتوم بأنها “واحدة من أهم أذرع نظام بوتين، وتستخدم لبسط النفوذ الجيوسياسي الروسي في شتى أرجاء العالم”، مضيفا أن منظمته لن تكف عن التظاهر والاحتجاج.
“إذا لم نتحدث عن القضية، إذا لم نمارس ضغوطا حقيقية على الساسة، فإنهم لن يفعلوا شيئا”.
وبعد المظاهرة التي نظمتها منظمة سليفاك، إيكوديفينس، في مدينة لينغين، صرحت الوزارة الفدرالية الألمانية لشؤون البيئة والحفاظ على الطبيعة والسلامة النووية لـ بي بي سي بأنها “تنظر إلى مثل واردات اليورانيوم تلك بجدية كبيرة بسبب الحرب العدوانية التي تشنها روسيا على أوكرانيا”.
وقال المتحدث باسم الوزارة لـ بي بي سي إن “روسيا لا تحتكر إمدادات اليورانيوم، ومن الممكن شراؤه من بلدان أخرى”.
لكن الوزارة أضافت أن الأمر ليس بيدها، لأن “قرار شراء اليورانيوم من روسيا يرجع بشكل حصري للشركة المشغلة لمصنع اليورانيوم في لينغين”، وليس هناك آلية قانونية لمنعها إذا ما اختارت شراء الوقود الروسي.
وفيما يتعلق بعقوبات الاتحاد الأوروبي، فإن المفوضية الأوروبية هي التي لديها سلطة فرضها.
بعد أن أصدر بوتين أوامره بالتعبئة الجزئية، اقترح الاتحاد الأوروبي جولة ثامنة من العقوبات.
وأعلنت أورسولا فان دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية تفاصيل الاقتراح الذي يشمل تشديد القيود التجارية، ووضع المزيد من الشخصيات الروسية على القوائم السوداء، وتحديد سقف لأسعار النفط الروسي، لكن لم تكن هناك أي إشارة إلى فرض عقوبات على روساتوم.
وسوف يعرض المقترح على الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لاتخاذ قرار بشأن تنفيذ العقوبات الجديدة.
وكان متحدث باسم المفوضية الأوروبية قد صرح لـ بي بي سي قبل الإعلان عن المقترح قائلا: “إننا لا نعلق مطلقا على عملية فرض عقوبات لأنها تتم بسرية وتعود بشكل كامل إلى الدول الأعضاء، التي يجب أن توافق بالإجماع في المجلس، لكن ليس هناك خيارات مستبعدة”.
ويقول الدكتور بوين إن البلدان الأوروبية التي لديها مفاعلات روسية الطراز “سيتعين عليها اتخاذ قرارات معقدة” إذا ما قررت تعليق واردات الوقود النووي الروسي، وهو قطاع على الأرجح سوف يكتسب المزيد من الأهمية نظرا لاقتراب فصل الشتاء، فضلا عن اقتراب أزمة طاقة محتملة.
وقد قررت ألمانيا، على سبيل المثال، الرجوع في قرارها التخلي عن الطاقة النووية تماما (والذي صدر في أعقاب كارثة مفاعل فوكوشيما في اليابان عام 2011)، وسوف تواصل تشغيل محطات الطاقة النووية الثلاث المتبقية لديها.
ويبدو واضحا أن البلدان الأوروبية تواجه خيارات صعبة، ولكن ليتفين تصر على أن الغرب ينبغي أن يتخذ إجراءات سريعة لحظر الوقود النووي الروسي.
لقد بدأت [روسيا] حربا هائلة في أوروبا، حربا لم نشهد لها مثيلا منذ الحرب العالمية الثانية. ليس هناك مجال لعقوبات انتقائية”.
لكم إبداء الآراء في أزمة الطاقة الأوربية.
تحرير.ص.هـ.ح