ما فائدة البرلمان إذا دخله التاجر وشيخ العشيرة والشاب بلا خبرة؟
مقال للكاتب | ضياء ابو معارج الدراجي
يدخلونه للسلطة والشهرة والصفقات، لا لصناعة التشريعات وخدمة الوطن.
القرار عند رئيس الكتلة، والبقية جنود يرفعون الأيدي أو ينسحبون بأمره!
نحن بحاجة إلى برلمان نخبوي، لا إلى قاعة تصويت جماعي بالتبعية العمياء.
في الأنظمة الديمقراطية الحقيقية، يُعدّ البرلمان مؤسسة تشريعية تمثل نبض الشعب، وتعكس طموحاته، وتنتج القوانين عبر نقاشات عميقة تعتمد على الكفاءة والخبرة. أما في تجربتنا البرلمانية العراقية، فغالبًا ما تحوّل هذا الصرح إلى ساحة نفوذ لأشخاص لا يملكون من أدوات التشريع سوى الولاء لرئيس كتلتهم، والطموح الشخصي في النفوذ أو التجارة.
حين يدخل البرلمان التاجر وهدفه توسيع أعماله، ويدخله شيخ العشيرة بحثًا عن الجاه، ويدخله الشاب عديم الخبرة سعيًا للشهرة أو المال، فعلى القانون السلام. فهؤلاء لا يملكون الرؤية السياسية، ولا الدراية التشريعية، ولا حتى الحياد الوطني. إنهم مجرد أدوات تحرّكها كتلهم، لا تعارض، لا تفكر، لا تناقش.
الحقيقة المُرّة أن القرار النهائي في البرلمان لا يصنعه النواب، بل رؤساء الكتل. هؤلاء لديهم مستشارون وخبراء يقررون موقف الكتلة من القوانين، ثم تُساق الكتلة للتصويت الجماعي كأنها وحدة عسكرية لا نقاش في أوامرها.
لهذا السبب فشل البرلمان في إصدار قوانين حيوية ومصيرية، ولهذا السبب تحوّلت الجلسات إلى عروض سياسية، وانسحابات شكلية، وتكتلات وقتية.
ما نحتاجه ليس مجرد انتخابات تُفرز أرقامًا ومقاعد، بل نحتاج برلمانًا مؤلفًا من نخب حقيقية: خبراء قانون، دبلوماسيون، أطباء، مهندسون، تربويون، أصحاب رؤية لا أصحاب مصلحة. نحتاج برلمانًا يُنتج لا برلمانًا يُصفّق.
وحتى يتحقق ذلك، علينا أن نعيد تعريف “المرشح المثالي” ونفهم أن البرلمان ليس وظيفة للوجاهة، بل مسؤولية تاريخية. لأن القوانين التي يُصوّت عليها اليوم، هي التي سترسم حاضرنا ومستقبل أبنائنا غدًا.
قناة الغدير الفضائية قناة اخبارية مستقلة