خبير اقتصادي يعلق بشأن الغرامات المفروضة على المصارف: “تبسيط للمشكلة”.. والمطلوب اصلاح شامل للقطاع المالي

اعتبر أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة بوخارست، نوار السعدي، إعلان البنك المركزي العراقي عن فرض غرامات تجاوزت 24 مليار دينار عراقي على المصارف والمؤسسات غير المصرفية خلال الفصل الثاني، بما في ذلك شركات الصرافة، خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، مؤشراً خطيراً يعكس خللاً هيكلياً داخل المنظومة المالية العراقية.

وأكد في حديث صحفي، على ضرورة ان لا يُنظر لهذا الرقم على انه انجاز، إذ يعد بحد ذاته مؤشراً على استمرار ضعف التزام القطاع المصرفي والمالي بالقواعد والتعليمات التنظيمية. مضيفاً أن هذه القواعد تشمل نظام الامتثال المالي، وإجراءات مكافحة غسل الأموال، وتنظيم سوق العملة والتحويلات الخارجية.

وأوضح السعدي أن فرض هذه الغرامات يؤثر سلباً على الجهاز المصرفي العراقي من عدة جوانب، حيث تعكس أولاً صورة غير مطمئنة عن أداء المؤسسات المالية، وتثير شكوكاً لدى الجهات الدولية، مثل بنوك المراسلة والمؤسسات الرقابية، حول نزاهة العمليات المالية ومدى التزام العراق بالمعايير الدولية.

وثانياً، أشار إلى أن استمرار فرض غرامات بهذا الحجم يضعف الثقة بين المواطن والمصارف، ويزيد من شعور عدم الشفافية والانضباط، ما قد يدفع المواطنين إلى الابتعاد عن التعامل مع البنوك الرسمية لصالح السوق غير الرسمي.

وفيما يتعلق بأسباب هذه الغرامات، أوضح السعدي أن جزءاً كبيراً منها يتعلق بمخالفات في نظام مزاد العملة والتحويلات الخارجية، وعدم التزام بعض المصارف وشركات الصرافة بالسقوف المحددة، أو محاولة الالتفاف على آليات التحقق من المستفيد النهائي.

كما أكد وجود مؤشرات على ضعف تطبيق تعليمات العناية الواجبة للزبائن (Know Your Customer)، وهو جانب حساس يفتح الباب أمام شبهات غسل الأموال والتمويل غير المشروع.

و نبّه السعدي إلى أن تحميل المسؤولية كاملة للمصارف أو شركات الصرافة يعد تبسيطاً للمشكلة، مشيراً إلى أن البيئة التنظيمية نفسها بحاجة إلى مراجعة شاملة.

وأوضح أن البنك المركزي، رغم دوره الرقابي المهم، يعاني من محدودية في أدوات الرقابة الاستباقية، حيث يتم التركيز على المراقبة بعد وقوع المخالفة وليس قبلها.

ونبه الى أن معالجة هذه الظاهرة تتطلب إصلاحاً شاملاً يشمل تحديث آليات الرقابة والمتابعة، وتعزيز الشفافية في إدارة ملف العملة والتحويلات، إلى جانب تدريب الكوادر المصرفية وتطوير مهاراتهم في مجالات الامتثال وإدارة المخاطر.

وشدد السعدي على أن المطلوب اليوم هو الانتقال إلى بيئة مصرفية تخضع لرقابة ذكية وديناميكية، قادرة على منع التجاوزات قبل وقوعها، بدلاً من الاقتصار على معاقبة المخالفين بعد حدوث المخالفات.

وختم حديثه بالاشارة إلى ضرورة إعادة النظر في العلاقة بين البنك المركزي والمؤسسات المصرفية، بحيث تكون علاقة قائمة على الشراكة لبناء قطاع مالي مستقر، متماسك، وموثوق داخلياً وخارجياً، لا علاقة قائمة على الترهيب والضغط.

شاهد أيضاً

منتخبنا الوطني بالزي الأبيض بمباراته أمام نظيره السوداني في كأس العرب

عُقد اليوم الجمعة، المؤتمر الفني لمباراة العراق والسودان المقرر إقامتها يوم غد السبت ضمن منافسات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *