قال العقيد سلام أسعد، الخبير العسكري، إن منظومة الدفاع الجوي المتطورة التي يحاول العراق شراءها من كوريا الجنوبية، تتجاوز كلفتها 2.5 مليار دولار وهي قادرة على إسقاط طائرات F-16، مؤكداً أن تشغيل المنظومة بفاعلية يتطلب إرسال كوادر عراقية إلى سيئول لخوض برنامج تدريب يستمر نحو 9 أشهر.
واستعرض الضابط المتقاعد في الجيش العراقي القيود أو العقوبات الأميركية المحتملة على بغداد مقارناً بما حصل مع تركيا وباكستان في إجراءات الهجوم والدفاع الأخيرة.
جانب من حديث العقيد سلام أسعد في حوار صحفي:
قبل أيام، أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عن نية حكومته فرض السيطرة الكاملة على الأجواء العراقية، في تصريح أعاد الحديث عن صفقة سابقة أبرمتها بغداد مع كوريا الجنوبية لشراء منظومة دفاع جوي متطورة.
الصفقة تشمل ثماني منظومات صواريخ من طراز سام، وتبلغ تكلفة المنظومة الواحدة ما بين 2.5 إلى 2.8 مليار دولار.
تتمتع هذه المنظومة بسمعة جيدة على مستوى العالم، لكنها تتطلب منظومة دعم مرافقة تشمل رادارات واسعة النطاق ومنظومات إنذار مبكر لضمان فاعليتها التشغيلية.
بحسب المعلومات الفنية، فإن صواريخ المنظومة الكورية قادرة على الوصول إلى ارتفاع 15 كيلومتراً، وتبلغ سرعتها 4.5 ماخ، أي ما يعادل 5500 كيلومتر في الساعة، ويفترض أنها قادرة على إسقاط طائرات F-16 ضمن مدى يبلغ 40 كيلومتراً.
وماذا عن B2 وسترايكر الإسرائيلية؟
رغم توجه العراق لشراء منظومة دفاع جوي من كوريا الجنوبية، إلا أن قدراتها الفعلية تبقى محدودة في مواجهة الطائرات الحربية المتطورة، خاصة تلك التي تحلق على ارتفاعات شاهقة مثل الطائرات الإسرائيلية من طراز F-15 Strike Eagle، والتي يمكنها التحليق على ارتفاع يتراوح بين 16 إلى 18 كيلومتراً، بالإضافة إلى طائرات F-35 وB-2 وB-52، وجميعها خارج نطاق تغطية هذه المنظومة.
قبل تشغيل هذه المنظومة يتطلب الأمر إرسال كادر عراقي متكامل إلى كوريا الجنوبية للتدريب على استخدامها، وهي عملية قد تستغرق من 6 إلى 9 أشهر كحد أدنى للتأهيل التقني فقط، واختيار الضباط المسؤولين عن هذا الملف يجب أن يتم بمعايير مهنية دقيقة بعيداً عن المحسوبية، نظراً لحساسية المهمة وأهميتها.
نصيحة: المستعمل أسرع!
ينبغي للحكومة العراقية أن تطلب منظومات مستخدمة، فهناك فرق جوهري بين منظومة مصنعة خصيصاً، قد تستغرق صناعتها عاماً كاملاً، ومنظومة مستخدمة جاهزة للنقل والنصب خلال فترة أقصر، قد لا تتجاوز 3 أشهر.
العراق يحتاج إلى بنية متكاملة تشمل طائرات مقاتلة من الجيل الرابع أو 4.5، بما لا يقل عن 25 إلى 30 طائرة، إلى جانب طائرات الإنذار المبكر (مثل أواكس).
ومع ذلك تبقى قدرة العراق في السيطرة الكاملة على أجوائه محدودة في ظل التفوق الجوي الإسرائيلي وامتلاك تل أبيب طائرات تحلق خارج نطاق المنظومات التقليدية.
أنواع منظومات الدفاع الجوي حول العالم:
تعد منظومة THAAD الأمريكية هي المنظومة الأولى حول العالم في مجال الدفاع الجوي، ولا تمتلك الولايات المتحدة حتى الآن ما هو أكثر تطوراً منها.
أما روسيا فتعد منظومة S-400 أبرز ما تملكه على هذا الصعيد، وهي تطوير لمنظومة S-300 السابقة، لكنها تتضمن تقنيات أحدث، حيث جرى تصنيع نموذج PMU-3 منها، قبل أن يعتمد الاسم الرسمي S-400.
تستطيع منظومة S-400 إصابة أهداف على ارتفاع يصل إلى 27 كيلومتراً، بينما تمتلك روسيا أيضاً منظومة S-500، لكنها لا تستخدم خارج الأراضي الروسية، ولا تتوفر معلومات كافية عنها، ويبدو أن موسكو تتعمد حجب التفاصيل المتعلقة بهذه المنظومة.
الضغط الأميركي جدي.. هكذا عاقبوا تركيا
تركيا سبق أن اشترت S-400 من روسيا ونصبتها على أراضيها، كما فعلت الهند، ورغبة العراق في شراء المنظومة ذاتها تصطدم بعقبة أمريكية، حيث تعارض واشنطن بشدة بيع المنظومة لبلدان حليفة لها، وهو ما ظهر سابقاً في الخلاف مع تركيا، والذي أسفر عن ضغوط اقتصادية وعقوبات، إلى جانب توتر داخل حلف الناتو.
بالنسبة للعراق فإن إقدامه على شراء S-400 قد يعرضه لعقوبات قاسية، وسط أوضاع داخلية حساسة تختلف عن حالة تركيا.
وتعد S-400 منظومة دفاعية متقدمة، قادرة على الاشتباك مع أهداف ضمن دائرة 360 درجة، نظراً لاعتمادها على الإطلاق العمودي، ما يتيح توجيه الصواريخ في أي اتجاه، بخلاف نظام باتريوت الذي يحتاج إلى توجيه نحو الهدف أولاً.
المنظومة تستطيع إصابة الأهداف على ارتفاعات تتراوح بين 10 إلى 27 كيلومتراً، وبمدى فعلي قد يصل إلى 100 كيلومتر، كما يمكنها رصد الأهداف على مسافة تبدأ من 600 متر وحتى 400 كيلومتر، والدخول في اشتباك معها ضمن هذا النطاق.
لو عملت المنظومة في بغداد فستضرب سماء الأردن
فعلى سبيل المثال، لو تم نصب المنظومة في بغداد، فبإمكانها إسقاط طائرات إسرائيلية وهي لا تزال في الأجواء الأردنية، وتقدر تكلفة النظام الواحد منها بنحو 500 مليون دولار.
ولو عدنا إلى المقارنة مع منظومة “سام-إم” التي تعاقد العراق على شراء 8 منها بسعر يبلغ 2.5 مليار دولار، فإن منظومة S-400 تعد أقل تكلفة، حيث يقدر سعر النظام الواحد منها بنحو 500 مليون دولار، ما يعني أن شراء أربع أو خمس منظومات S-400 سيكون بمجموع يقارب تكلفة منظومات سام-إم، مع فارق واضح في القدرات القتالية والمدى العملياتي.
ما هو الخيار الصيني؟
المنظومة المعتمدة في الصين هي HQ-19، وهي تشبه إلى حد كبير منظومة S-400 الروسية من حيث البنية التقنية والتكنولوجيا المستخدمة، إلا أن التقدم السريع واللافت في الصناعات العسكرية الصينية خلال السنوات الأخيرة جعل من HQ-19 منظومة مختلفة في خصائصها التشغيلية، خاصة بعد التحديثات المكثفة التي أجريت عليها.
أما عن إمكانية حصول العراق على هذه المنظومة، فيعد ذلك أمراً مستبعداً تماماً، إذ أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تسمح بوجود منظومة دفاعية بهذا المستوى من التهديد التقني على الأراضي العراقية، خصوصاً في ظل التوازنات السياسية والعسكرية في المنطقة.
منظومات مستخدمة في العراق
المنظومات الدفاعية الموجودة حالياً في العراق تشمل المنظومة الكورية ومنظومة فرنسية الصنع، وكلتاهما تحتاج إلى وقت أطول في النشر والتشغيل مقارنة بـ S-400.
العراق ما يزال غير قادر على فرض سيطرة كاملة على أجوائه، وسط تحديات تقنية وأمنية معقدة، كان آخرها استهداف رادار في منطقة التاجي، في حادثة لا تزال الجهة المسؤولة عنها مجهولة حتى اللحظة.
ضرب هذا الرادار يخدم مصالح متباينة، فكل من إيران وإسرائيل قد تستفيد من تعطيله، فيما يحتمل أيضاً وجود طرف ثالث يسعى إلى استثمار حالة الفوضى لتحقيق مكاسب غير معلنة.
وهذا الحدث يعيد إلى الأذهان استهداف مطار كركوك قبل أيام بصاروخ من طراز “غراد”، وهو طراز قديم يثير التساؤلات حول الجهة التي تملك الدافع لاستخدامه.
10 سنوات أخرى
التقديرات الأمنية تشير إلى أن العراق بحاجة إلى ما لا يقل عن 10 سنوات ونحو 15 مليار دولار، إضافة إلى منظومة متكاملة من طائرات الإنذار المبكر والمقاتلات، للوصول إلى مستوى مقبول من السيطرة الجوية.
العراق مثل باكستان مع F16 مقيدة
العراق حالياً يمتلك طائرات F-16 الأمريكية، إلا أن استخدامها مقيد باتفاقات تسليح مع الولايات المتحدة، فهي لا تسمح باستخدامها ضد حلفائها، كما حدث في النزاع بين باكستان والهند، فرغم امتلاك باكستان لطائرات F-16، لم يسمح لها باستخدامها ضد الهند كون الأخيرة حليفة لواشنطن، ما دفع إسلام آباد إلى استخدام طائرات صينية من طراز GTN-E، والتي تمكنت خلالها من إسقاط 3 طائرات متقدمة بينها رافال، وسوخوي 30، وميغ 29.
إذن امتلاك السلاح لا يعني حرية استخدامه، ما لم تكن هناك استقلالية كاملة في القرار السيادي والتقني.
قناة الغدير الفضائية قناة اخبارية مستقلة