ترامـــــب: بين الكذب والجبن.. حين يقود العالم مهرّج سياسي

في معرض تعليقاته المتشنجة والغريبة على الجولة الأخيرة من المواجهة بين إيران والكيان الصهيوني وداعميه خصوصًا أميركا، ظهر دونالد ترامب – كعادته – في مؤتمر صحفي يتحدث بجهل وغرور، متفوّهًا بكلمات لا صلة لها بالواقع. قال: “آية الله الخامنئي بالأمس قال إنهم انتصروا في الحرب، وقلت له: انظر، أنت رجل ذو إيمان عظيم وتحظى باحترام كبير في بلدك. عليك أن تقول الحقيقة: لقد هُزمتَ هزيمة نكراء. وإسرائيل أيضًا هُزمت. كلاكما هُزم”.

مقال للكاتب | نجاح محمد علي

لكن من يهزم فعلاً؟ إيران التي ردّت على العدوان بثبات واقتدار؟ أم كيان الاحتلال الذي احتمى بالملاجئ، وأمريكا التي توسلت الوساطات؟

حين يصمت ترامب عن نتنياهو

الأكثر لفتًا للنظر في تصريحات ترامب ليس كذبه الصريح فحسب، بل جبنه وتناقضه الواضح. فهو، رغم تهجّمه على إيران، لم يجرؤ أن ينتقد حليفه بنيامين نتنياهو، الذي أعلن صراحةً أن الكيان الصهيوني قد “انتصر”. لماذا لم يوبّخه ترامب ؟ الجواب بسيط: لأن ترامب ليس حرًّا في مواقفه، بل أداة في يد اللوبي الصهيوني، يخشى كسر خطابه المتماهي تمامًا مع رواية نتنياهو.

من المهزوم؟

أهداف العدوان كانت واضحة: إسقاط النظام في إيران ، وإنهاك قوّاته، وتحريك خلايا داخلية لإحداث الفوضى والانهيار. إيران لم تصمد فقط، بل ردّت الصاع صاعين، وأدارت المواجهة بهدوء وقيادة مركزية، في ظل ظروف معقدة وشبه خيانة دولية. القائد الإمام الخامنئي، وهو على أعتاب التسعين، أثبت أنه ليس فقط مرجعًا دينيًا، بل قائد سياسي وعسكري من الطراز الأول، أدار المعركة بحنكة واحتواء، وأفشل الحرب النفسية، ورفع منسوب تماسك الدولة ، وأسقط الرواية الأمريكية ، ومرّغ أنف ترامب ونتنياهو بالوحل.

أما الكيان الصهيوني، فقد خرج من المواجهة مهزوزًا، مرعوبًا، يعاني من صدمة نفسية، اعترف بها الإعلام العبري، وظهرت في ارتباك قيادته السياسية والعسكرية.

إيران لم تطلب وقف الحرب

من الذي طلب وقف إطلاق النار؟ من ذهب إلى قطر وتركيا متوسلًا الوساطة؟ من أوعز للإدارة الأميركية بالضغط؟ أليست “يافا المحتلة” هي من استنجدت؟ أليست واشنطن، بلسان حلفائها، من دفعت باتجاه التهدئة خوفًا من تطور الرد الإيراني إلى مستوى لا يمكن السيطرة عليه؟

كذب مفضوح

ترامب، المعروف بالكذب حتى داخل الإعلام الأميركي والمؤسسة الإستخبارية، حاول تغطية الهزيمة بإطلاق تصريحات استفزازية، يعلم هو نفسه أنها لا تنطلي على أحد. فهل نسي أنه، خلال رئاسته الأولى ، انسحب مذلولًا من الاتفاق النووي الإيراني دون أن يتمكن من فرض بديل، وتوسل لقاء القادة الإيرانيين فلم يُجبه أحد، وهو الذي عاد وقبل الأيادي والأقدام في رئاسته الثانية ليجلس مع الإيرانيين و لو عبر وسيط ؟

أكثر من ذلك، ألم يُضرب الجيش الأميركي في قاعدة “عين الأسد” في العراق ردًا على اغتيال الفريق قاسم سليماني، دون أن يجرؤ على الرد المباشر؟ ألم يلجأ حينها إلى الأكاذيب، قائلًا إنه “لم يُصب أحد”، قبل أن يكشف البنتاغون عن إصابات خطيرة لعشرات الجنود؟

ديمقراطية على مقاس الكيان اللقيط

اللافت أن ترامب نفسه وصف الإمام الخامنئي بأنه “رجل ذو إيمان عظيم ويحظى باحترام كبير”. أليس هذا هو جوهر الديمقراطية؟ قائد تحظى سياساته وشخصيته بهذا الإجماع الوطني؟ فلماذا تصرّ واشنطن على مهاجمة النظام في إيران تحت ذريعة “الديكتاتورية”؟ لأنها ببساطة لا تقبل بوجود دولة مستقلة، لا تركع ولا تطبّع، وتمتلك الإرادة في تحديد مصيرها.

إيران أقوى… وأنتم أضعف

أثبتت الجمهورية الإسلامية أنها خصم عنيد، وهي قوة إقليمية تفرض توازنًا جديدًا. فأن تبقى واقفة في وجه أعتى منظومة عدوانية، مدعومة من أمريكا والغرب، لأكثر من أربعة عقود، وترد على الاعتداءات من طهران إلى غزة واليمن والعراق، فهو مؤشر على أن معادلة الردع قد تغيّرت.

وإذا كانت إيران اليوم أقوى، فهي بذلك تقرّب المنطقة من فجر زوال الكيان الصهيوني، الذي فقد ردعه النفسي والعسكري أمام محور المقاومة.

الكلمة الأخيرة: يا ترامب… لا تكذب علينا

العالم يرى، والشعوب تفهم، والحقائق لا تُخفى. كفاك كذبًا وتضليلًا، فمكانك الطبيعي ليس قيادة دولة عظمى، بل مسرح المهرجين، والتأريخ سيلفظك كما لفظ من كانوا قبلك، ألم يقل فرعون “أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ” …فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ !

إيران لن تُهزم، طالما أن فيها قيادة مؤمنة، وشعبًا واعيًا، ومقاومة تعرف طريقها. أما أنتم، فتعيشون على الكذب والدعاية… والخوف من الحقيقة.

شاهد أيضاً

التخطيــــط: انخفاض نسبة الفقر في العـــــراق وتحضيرات لاستراتيجية 2026-2030

أعلنت وزارة التخطيط، اليوم الجمعة، انخفاض نسبة الفقر مقارنة بالسنوات السابقة، فيما أشارت الى مواصلتها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *