الى أي مدى وصل؟.. مستشار اقتصادي يكشف تأثيرات انخفاض سعر النفط على الخزين الستراتيجي

أكد مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الاقتصادية مظهر محمد صالح، أن الدولة العراقية متحوطة بكل إمكانياتها من انخفاض سعر برميل النفط.

يعتمد العراق بنسبة تقارب الـ 90% في موازنته المالية السنوية على ما يصدره من النفط الخام.
البرلمان العراقي أقر قبل عامين الموازنة الثلاثية للأعوام 2023 و2024 و2025، معتمداً على تصدير النفط بسعر 70 دولاراً للبرميل، في الوقت الذي انخفضت فيه أسعار النفط حالياً الى مستويات الستين دولاراً للبرميل.
كانت أسعار النفط قد تراجعت، في أعقاب إعلان ثماني دول في تحالف أوبك بلس، بينها العراق، عن زيادة كبيرة في الإنتاج، رغم مخاوف بشأن فائض المعروض، وستقوم هذه الدول بإنتاج 411 ألف برميل إضافي يومياً في حزيران، كما هو المستوى خلال شهر أيار، بينما كانت الخطة الأساسية تنص على زيادة قدرها 137 ألف برميل يومياً.
الإعلان عن زيادة الإنتاج جاء في وقت تتراجع فيه الأسعار بشكل حاد متأثرة بمخاوف من حدوث ركود عالمي قد تتسبب فيه الحرب التجارية التي بدأها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
“لا توجد آثار دورة أصول نفطية”
بهذا الصدد، قال مظهر محمد صالح: “انتهى الربع الأول من السنة المالية الحالية 2025 ومتوسط تصدير النفط العراقي 75 دولاراً، ما يعني أكثر مما هو محدد في قانون الموازنة العامة الاتحادية رقم 13 لسنة 2023 أي الموازنة الثلاثية بخمسة دولارات، وبالتالي لا توجد آثار دورة الأصول النفطية”.
وذكر أن “دورة الأصول النفطية بدأت في بداية الفصل الثاني من هذا العام، وهي لازالت في بداياتها بسبب تنامي الحرب التجارية بين الولايات والتحدة الأميركية والصين بالدرجة الأساس، وانقلاب موازين القوى في العالم من ناحية جيوسياسية، والتي خلقت الانكماشات في الاقتصاد العالمي”.
وبيّن أن “انكماش 1% في النمو يؤدي لانكماش نصف الواحد بالمائة في الطلب على النفط، وتزامن في نفس الوقت أن الأوبك كانت قد وضعت حصصاً على الأعضاء بحدود أكثر من مليونين كاقتطاع من الانتاج، وذلك لضبط الانتاج وإزالة أي تخمة نفطية”.
“الدولة متحوطة بكل إمكانياتها”
مستشار السوداني، أوضح أن “الإنكماش مع انفتاح الأوبك في الإنتاج خلق تضاداً غير منطقي، وهذه أسفرت عن دورة أصول نفطية حقاً. لكن كم ستدوم؟ هل ستدوم الى نهاية السنة المالية وتنتقل إلى السنة القادمة أو تنتهي خلال الفصل الثاني من هذه السنة أو الثالث؟ لا أحد يعلم، لكن الدولة متحوطة بكل إمكانياتها”.
وشدّد مظهر محمد صالح على أن “الدولة متحوطة بالانضباط المالي، أي بأولويات الصرف. صحيح أنها وضعت سقف 200 تريليون وبرميل النفط 70 دولاراً للبرميل وباقتراض 64 تريليون دينار، لكن بنفس الوقت هي من الممكن أن تصرف بالأولويات الثانية وبالبديل الثاني الذي هو الأقل”.
وتابع: “بدليل أنه في سنة 2024 صرفت 156 تريليون دينار، وليس 200 تريليون، وكانت الأمور مريحة في دفع الرواتب والأجور والمعاشات التقاعدية والرعاية الاجتماعية والسير بالبنية التحتية والخدمات الأخرى”، مبيناً أن “الدولة لديها هكذا مرونة، والتي تسمى الحيز المالي، من خلال تدبير وضعها في أسوأ الأوضاع”.
“الاحتياطيات النقدية في خط آمن”
بخصوص التساؤل حول كم سيكون انعكاس انخفاض سعر النفط عالمياً على الاحتياطيات المالية للعراق، قال مظهر محمد صالح إن “احتياطات الدولة أو الخزين الستراتيجي من العملة الأجنبية، والذي هو احتياطات البنك المركزي، هنالك انعكاسات عليه بالتأكيد، لأنه ترابط بين السياستين النقدية والمالية، أي أن هذه الاحتياطات النقدية الأجنبية مصدرها من أصول نفطية بالأصل، ووظيفة الأصول النفطية هو الدفاع عن الاستقرار الاقتصادي والمالي في البلاد”.
وأكد أنه “لحد الآن هذه الاحتياطيات هي في خط آمن، ما يعني أن الخط الآمن بمؤشرات تغطي ثلاثة أشهر تجارية، أي تغطي 75% من عرض النقد، أو 100% من العملة المصدرة، وهذه كلها متوفرة لحد الآن، ما يعني تعد في مستوى الكفاءة ولا خوف عليها”.
وفي نفس الوقت “تكون النفقات لها أولويات وضوابط وتعمل عليها المالية العامة بشكل دقيق جداً، وإذا احتاجت الى اقتراضات ستكون اقتراضات داخلية، والبنك المركزي من خلال عمليات السوق الثانوية يساعد وييسر توفير سيولة نقدية لتمرير حالة الاقتصاد ومواجهة هكذا دورات”، وفقاً لمظهر محمد صالح.
“العراق واجه دورات أصول نفطية سابقة”
ورأى أنها “ليست المرة الأولى التي يواجه فيها العراق هكذا دورات أصول نفطية، فقد سبق أن واجهها بين 2014 و2017 والتي هي ابان الأزمة المالية الأمنية التي واجهنا بها الحرب للإرهاب الداعشي، وبين عام 2021 أبان الأزمة المالية والصحية التي أيضاً هبطت أسعار النفط، وعبرت البلاد باقتراضات داخلية أيضاً، وممكن تكون هكذا القضية يعني بالتدبير المالي وبالاقتراض الجزئي عند الحاجة، بإصدار حوالات وسندات دون أن تتوقف الحياة الاقتصادية مع تدفقات من النفط”.
ونبّه مستشار السوداني الى أن “هنالك نقطة ستراتيجية مهملة وهي أن الولايات المتحدة والتي هي أكبر منتج للنفط في العالم بحقول النفط الصخري والتي لا تقل كلفة انتاج البرميل منه عن ستين دولاراً، لذا ينبغي أن تبيعع بسبعين دولاراً وأكثر، فإذا باعت أقل تخسر وبالتالي تعد خسارة لاقتصادات الولايات المتحدة”.
وبيّن أن “هذه الخسارة لا تقلل التضخم، ويعرض قطاع الطاقة للخطر، علماً أن هذا القطاع داخل في قروض وأئتمانات وإلى آخره، وليس من مصلحة هذا القطاع أن يتعرض الى خطر”.
ولفت الى أن “الولايات المتحدة التي هي أكبر منتج للنفط في العالم بواقع 15 مليون برميل نفط يومياً، تحتاج مع الخزين الى 23 مليون برميل، بينما الصين التي هي الخصم التجاري في هذه الحرب التجارية (حرب التعريفات) تستورد عشرة ملايين برميل نفط أو أكثر من العالم، وبالتالي ستستورد نفطاً رخيصاً، لذا ليس من المنطق أن تسمح الخصومات التجارية بهذا المنطق الساذج”.
ورأى أن “دورة الأصول النفطية هذه ستنتهي في غضون أشهر في كل الأحوال، والعراق سيواجهها”، مضيفاً أن “وظيفة الخزين الستراتيجي هي الدفاع في مثل هكذا أحوال، وحماية الاقتصاد من الركود والانكماش إذا حصلت فترة طويلة من الكساد”.
هبوط حجم الخزين النقدي الستراتيجي 
بشأن حجم الخزين الستراتيجي، قال مستشار السوداني: “بلغ 110 مليار ومن ثم هبط قليلاً، ويقال أنه يتراوح بقرابة المائة مليار صعوداً أو نزولاً، وهذا ينسحب منه لتعزيز تمويل استيرادات العراق الخارجية للمصارف الوطنية وللمصارف الأجنبية، وبنفس الوقت يعتمد كم يشتري من الحكومة ويمول موازنة بالدينار العراقي”.
وأكد أن “الوضع لازال آمناً ومطمئناً، لكن السياستين المالية والنقدية في تفاهم ودائرة تشاور مشترك، بحيث لا يهبط الاحتياط الستراتيجي والعملة الأجنبية الخطوط الحمراء، وبنفس الوقت أن لا يتعرض الاقتصاد إلى انكماش وأزمة كبيرة، والتي هي وباء في السياسات أن تدافع عن الاقتصاد من صدمات خارجية كبيرة، مثل دورة الأصول النفطية التي هي صدمة خارجية”.

شاهد أيضاً

أيمن حسين: نتطلع إلى تقديم مستوى طيب أمام المنتخب السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *