نور الدراجي ||
يمثل المبعث النبوي الشريف حدثًا عظيمًا في التاريخ الإسلامي، فهو اللحظة التي أُرسل فيها النبي محمد (صلى الله عليه وآله) برسالته السماوية لهداية البشرية وإخراجهم من ظلمات الجهل والشرك إلى نور التوحيد والإيمان.
جاء هذا الحدث المبارك في السابع والعشرين من شهر رجب، في غار حراء، حيث كان النبي (صلى الله عليه وآله) يتعبد ويتأمل عظمة الخالق.
كان المجتمع الجاهلي في مكة يعيش حالة من الفساد الأخلاقي والاجتماعي، حيث انتشر الظلم، والاستعباد، وعبادة الأصنام. وفي هذا الجو المظلم، كان النبي محمد (صلى الله عليه وآله) يُعرف بصفاته السامية، كالصادق الأمين، وكان محبوبًا بين قومه رغم أنهم لم يدركوا حينها مقامه العظيم. فاختار الله (سبحانه وتعالى) هذه اللحظة لإعلان النبوة وإيصال الرسالة الإلهية.
في مثل هذه اليلة المباركة، وبينما كان النبي (صلى الله عليه وآله) في غار حراء يتأمل ويتعبد، جاءه الوحي لأول مرة عن طريق جبرائيل (عليه السلام) حاملاً الآيات الأولى من سورة العلق: “اقرأ باسم ربك الذي خلق.
خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علّم بالقلم. علّم الإنسان ما لم يعلم”. كانت هذه اللحظة إعلانًا لبدء مهمة عظيمة تحمل على عاتقها تغيير مسار البشرية.
إن المبعث النبوي ليس مجرد حدث تاريخي، بل هو انطلاقة مشروع إلهي عظيم لهداية الإنسان في جميع أبعاده: الروحية، والأخلاقية، والاجتماعية.
فا الرسالة التي حملها النبي (صلى الله عليه وآله) أكدت على التوحيد ونبذ الشرك، وعلى العدالة والمساواة بين البشر، وكرامة الإنسان وحقوقه. وقد أتى الإسلام ليضع أسسًا متينة لحياة إنسانية كريمة، ترتكز على الإيمان بالله والعمل الصالح.
ففي الفكر الإسلامي ، يُعد المبعث النبوي حدثًا عظيمًا يؤكد على مقام النبي محمد (صلى الله عليه وآله) كخاتم الأنبياء وأعظم خلق الله. كما يُبرز أهمية الوحي الإلهي في توجيه الأمة وبناء الحضارة الإسلامية.
فيحتفل المسلمون بهذه المناسبة تعبيرًا عن فرحهم بنعمة الرسالة وامتنانهم لله على هداية النبي وأهل بيته (صلوات الله عليهم) للأمة.
المبعث النبوي الشريف هو نقطة تحول في تاريخ الإنسانية، حيث نقلها من ضيق الجهل إلى سعة العلم، ومن الظلم إلى العدل.
لذا، فإن استذكار هذا الحدث العظيم يعزز في قلوبنا الإيمان برسالة الإسلام ويدفعنا للتأسي بسيرة النبي محمد (صلى الله عليه وآله) في جميع جوانب حياتنا.