في موسم الحج..مفردات قاسية لكنها الحقيقة..!

منهل المرشدي ||

في مفارقة عجيبة تتجاوزحدود المعقول وتتناقض مع ثوابت المنطق لكنها لسيت وليدة اليوم فقد وثّق لنا التأريخ ما هو أفضع منها حين كان لأزمان الظلم سطوة وسلطان وللباطل دول وقوة تطاول فيها على مقدسات الأمة وثوابت الدين ولست براغب في الخوض بتفاصيل تلك الأحداث لأكتفي بما نشهده اليوم من سطوة الظلم والظالمين والمجرمين والفاسدين واتساع مساحة الظلم والمظلومين والفقراء والمحرومين رغم توجه الناس للعبادة والدعاء وإقامة الشعائر وممارسة الطقوس الدينية إلا إن الظلم ذات الظلم يزداد ويتسع والباطل ذات الباطل يعيث في الأرض فسادا.

في قراءة بسيطة لما نحن فيه من دون الحاجة الى الإبحار في علوم الفقه والشريعة لنعرف أسباب ما نحن عليه نجد اننا وقعنا بالمجمل الا ما رحم ربي في هاوية الإبتعاد عن التقوى والإهتمام بظاهر العبادات . هو الرياء المعلوم واللامعلوم والنفاق المحسوس واللامحسوس وخذ على سبيل المثال لا الحصر ونحن في موسم الحج وما نراه من حج بالجملة لأرباب السياسة من صحاب المعالي والسيادة واصحاب رؤووس الأموال الإسطورية التي هطلت عليهم من حيث ما هطلت من المال العام والرشا والربا ولا أزيد فهل هناك من أدرك إن العبادة ليس هي التقوى بل هي الطريق الى التقوى ..

لقد غدونا نصلي ونحج ونزور المراقد المقدسة ولكننا في الغالب الأعم ليس اناس صالحين !!!.. لماذا ؟؟ في شهر رمضان نصوم ونفطر ونستيقظ في السحور لكننا لا نصوم فقد قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) فهل نحن من المتقين لله فيما يعلمه من أفعالنا واقوالنا وظنوننا ولا يعلمه غيره ؟!!! .. نحن نصلي لكن الكثير منّا يفعل الفحشاء والمنكر وقد قال رب الجلالة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر .. حتى ما نقوم به من شعائر وطقوس هل اوصلتنا الى التقوى أوليس الله هو القائل (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) !!..

لقد وقعنا في الوهم او إننا توهمنا او اندري وندعّي اننا لاندري بإن الممارسات العبادية واقامة الشعائر ليست هي التقوى انما هي الطريق الى التقوى لذلك نرى من يقيم الصلاة بأوقاتها ويقيم النوافل في الليل والنهار وتراه في الصف الأول في المسجد لكنه كذّاب . كذاب بإمتياز . ترى شخصا حين يتوضأ للصلاة نراه يهتم بأدق التفاصيل في أحكام الوضوء وكأننه من الأولياء الصالحين ومن الصحابة المنتجبين لكنه يبتلع اموال الناس وربما حقوق الأيتام وله في استغابة الآخرين مرتبة لا يضاهيه بها احد او ربما يعبد زعيما ويقدسه اكثر من الله!! . عذرا .. اعرف انها مفردات قاسية لكنها الحقيقة فقد غدونا اكثر مجتمع في الكون يهتم بمظاهر الدين وأقل مجتمع يهتم اويدرك جوهر الدين المتمثل في التقوى .

لقد كثرت لدينا اسماء المقدسات على الأملاك والأبناء والأسواق والمولات والمطاعم والفنادق من دون ان نستشهد بالأمثلة كي نتجنب الطعن بالقصدية في تشابه الأسماء لما ذكرنا . ناهيك عن اسماء الأبناء المركبة حتى نجد من قتل جهارا وسرق نهارا وارتكب الفاحشة بوقاحة السافلين وكنيته بإسم ولده على اسماء ال البيت عليهم السلام او الصحابة والصالحين !! هناك من جاء بالثروة المسروقة من المال العام او الرشا او الرواتب الوهمية والفضائية وأمسى لديه قصر كبير علقّ في واجهته يافتة مكتوب عليها هذا من فضل ربي !!! لست ادري أيكذب على نفسه أم يكذب على الله ام على الناس اجمعين . مفردات قاسية لكنها الحقيقة فمجرد الصلاة او الحج والعمرة او اقامة الشعائر ليس هي الدين من دون ان نرهن قلوبنا بجوهر الدين المتمثل بتقوى الله فكل القيم والأخلاق والاعمال والعبادات تدخل تحت مظلة التقوى . لست ادري ان كانت كلماتي ستلقى من يتقبلها ولا أبرأ نفسي الأمارة بالسوء لكنها الحقيقة ..

أخيرا وليس آخرا لنستشهد فيما قاله الإمام جعفر الصادق عليه السلام حين أقام في جبل عرفات وازدادت دهشة من حوله عندما سألوه عن الحجاج وكثرتهم في ذلك العام .. فقال عليه السلام : (ما اكثر الضجيج وأقل الحجيج .

ما حججت إلا أنا وناقتي وعلي بن يقطين ).. وسؤال لكل زعامة سياسية او دينية كم يوجد في عراق الاهات من يعيش على القمامة ومن لا يكفيه راتبه إسبوع من الشهر فيما يتلاعب الآخرون من الذين (آمنوا وعملوا الصالحات) بالمليارات فنقول حج مقبول وسعي مشكور؟؟؟

Check Also

المرجعية الدينية تطلق مبادرة لدعم مرضى النازحين

أطلق مكتب المرجع الديني الأعلى سماحة السيد السيستاني في بيروت مبادرة جديدة تهدف إلى تقديم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *