استُخدمت ذخائر مصنوعة في الولايات المتحدة في الغارة الصهيونية المميتة على مخيم للنازحين في رفح يوم الأحد، حسبما كشف تحليل أجرته شبكة “سي أن أن” الأميركية لمقطع فيديو من مكان القصف، إضافةً إلى مراجعة خبراء الأسلحة المتفجرة للمقطع والقطع المتبقية للقنابل المستخدمة في القصف.
وأظهرت اللقطات التي حصلت عليها الشبكة الأميركية مساحاتٍ شاسعة من المخيم في رفح وقد اشتعلت فيها النيران، حيث حاول عشرات الرجال والنساء والأطفال بشكلٍ محموم إيجاد ملجأ من الهجوم الليلي. كما شوهدت جثثٌ محترقة، بما في ذلك جثث لأطفال، يمكن رؤيتها وهي تُنتشل من قبل رجال الإنقاذ من بين الحطام.
وفي مقطع الفيديو الذي تمّت مشاركته على وسائل التواصل الاجتماعي، والذي حددته “سي إن إن” في نفس الموقع الجغرافي للمشهد نفسه من خلال مطابقة التفاصيل، بما في ذلك علامة مدخل المعسكر والبلاط على الأرض، يظهر ذيل قنبلة أميركية الصنع من طراز “GBU-39” ذات القطر الصغير (SDB)، وفقاً لأربعة خبراء أسلحة متفجرة قاموا بمراجعة الفيديو لصالح الشبكة.
وقال خبير الأسلحة المتفجرة، كريس كوب-سميث، لـ”سي أن أن”، الثلاثاء، إنّ قنبلة “GBU-39″، والتي تصنّعها شركة “بوينغ” الأميركية، هي ذخيرة “عالية الدقة ومصمّمة لمهاجمة أهداف نقطية ذات أهمية استراتيجية”، وتؤدي إلى أضرار جانبية منخفضة.
ومع ذلك، قال كوب-سميث، وهو أيضاً ضابط مدفعية سابق في الجيش البريطاني، إنّ “استخدام أي ذخيرة، حتى لو كانت بهذا الحجم، سيؤدي دائمًا إلى مخاطر في منطقة مكتظة بالسكان”.
بدوره، شرح تريفور بول، وهو عضو سابق في فريق التخلص من الذخائر المتفجرة في الجيش الأميركي والذي تعرف أيضاً على الشظية على أنها من ذخيرة “GBU-39″، لـ”سي أن أن” بشأن كيفية توصّله إلى استنتاجه.
وقال بول إنّ “الجزء الخاص بالرأس الحربي [من الذخيرة] متميز، وقسم التوجيه والجناح فريد للغاية مقارنة بالذخائر الأخرى. وغالباً ما يكون قسم التوجيه والجناح من الذخائر هو البقايا المتبقية حتى بعد انفجار الذخيرة. لقد رأيت قسم تشغيل الذيل وعرفت على الفور أنها واحدة من ذخائر SDB/GBU-39”.
وخلص بول أيضاً إلى أنّه على الرغم من وجود نوع آخر من ذخائر “GBU-39” يُعرف باسم الذخيرة الفتاكة المركزة (FLM) التي تحتوي على حمولة متفجرة أكبر ولكنها مصممة لإحداث أضرار جانبية أقل، إلا أنّ هذا النوع لم يكن هو المستخدم في هذه الحالة.
ويحتوي “FLM” على جسم رأس حربي مركب من ألياف الكربون ومليء بالتنغستن المطحون إلى مسحوق. وقد أظهرت صور اختبار “FLM” أجساماً في الاختبار مغطاة بغبار التنغستن، وهو ما لم يكن موجوداً [في الفيديو من مكان الحادث].“
كما تطابقت الأرقام التسلسلية على بقايا الذخائر مع الأرقام التسلسلية الخاصة بشركة مصنعة لأجزاء “GBU-39” ومقرّها كاليفورنيا، مما يشير إلى مزيد من الأدلة على أنّ القنابل صنعت في الولايات المتحدة.
وحدّد خبيران آخران في الأسلحة المتفجرة، ريتشارد وير، باحث أول في الأزمات والنزاعات في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، وكريس لينكولن جونز، وهو ضابط مدفعية سابق في الجيش البريطاني وخبير أسلحة واستهداف، الشظايا على أنها جزء من قنبلة “GBU-39” الأمريكية الصنع، عند مراجعة الفيديو لشبكة “سي أن أن”، رغم أنهما لم يتمكنا من التعليق على النوع المستخدم.
وعندما طُلب منهما التعليق على الذخائر المستخدمة في غارة رفح في مؤتمرٍ صحافي، الثلاثاء، قالت نائبة السكرتير الصحافي لوزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، سابرينا سينج، للصحافيين: “لا أعرف نوع الذخيرة المستخدمة في تلك الغارة الجوية. يجب أن أحيلكم إلى الإسرائيليين للتحدث عن ذلك”.
يُذكر أنّ التحقيق يتعلّق بشكلٍ مباشر بالمجزرة التي أقدم “جيش” الاحتلال الصهيوني على ارتكابها، ليل الأحد، بحق عشرات النازحين بقصفه خيامهم المنصوبة في مستودعات وكالة “الأونروا” في رفح جنوبي قطاع غزة.