أبناء الخيام الملتهبة..!

د. هيثم الخزعلي ||

كان جدي رحمه الله كبير قومه وله هيبة شيوخ الجنوب، وفي مواسم الأعياد كان يأتي الناس لديوانه ليهنئوه.
لاحظته عند دخول احد السادة مع طفله البالغ ٧ سنين، ينحني جدي ذو ال٩٣ عاما  ليقبل يد الطفل الصغير، فتسألت بتعجب، لماذا يعظم جدي هذا الصغير..
ما الذي يعرفه عنه ليفعل ذلك؟
وعندما كبرت وانا اقرا عن واقعة الطف تستحضر صور الماضي البعيد…
خيام تشتعل وخيول تصهل ورؤوس على الرماح مشالات وصبية تركض ذات اليمين وذات الشمال، بعضهم داسته الخيول وبعضهم برحته السياط وبعضهم تلاحقه النار في ثوبه..
ثم تراءت لي صورة زينب الحوراء عليها السلام وهي تجمع هؤلاء الصبية، وتحاول ان تدفع السياط عنهم بجسدها ويديها…
وفي إحدى الخيام المشتعلة كانت امرأة مدهوشة عن كل ما يجري وتهدهد مهد طفل نبت السهم في نحره..
صور مروعة وحزن جبار.. ساعد الله قلب زينب عليها السلام.
وأعود لاستحضر قصة هؤلاء الصبية أبناء الخيام المشتعلة ، فبعضهم مات في طريق الأسر، وبعضهم حبس مع أهله في الخربة…
شاهدوا أسوأ الطواغيت، وذاقوا مرارة اليتم والظلم، لكنهم ما زالو أبناء الخيام الملتهبة ..
أبناء الخيام التي رفضت الظلم والخضوع، وجلجل فيها صوت ابيهم ابي الاحرار (هيهات منا الذلة )…
ومازال صوته يتردد في مسامعهم ودمائه الطاهرة تسري في عروقهم ونور محمد صل الله عليه وآله وسلم، يتلجلج فيهم وهم في مدينة جدهم…
ولم تنتهي رحلة كربلاء عندهم، وما زالت خيول الظالمين تطاردهم، حتى تفرقوا ايدي سبأ، الطواغيت يقتلونهم تحت كل حجر ومدر.. وكما قال دعبل:-

قبور بكوفان وأخرى بطيبة.. وأخرى بفخ نالها صلوات فانتشروا في الأرض وملئت قبورهم أرض العرب والعجم، لكنهم أيضا كانوا ينشرون العزة والتقوى في ارض العرب والعجم فكان نور محمد وآل محمد يلازمهم والتقوى والاباء تميزهم، فكانوا مهوى قلوب الطاهرين من الناس…

ثم استحضرت الواقع وما هي صورة أبناء الخيام الملتهبة   واين استقرت بهم النوى..
فكان ال الحكيم الابرار والصدرين العظيمبن والخوئي والسيستاني.. ينشرون العزة والقيم و يقارعون الظلم و الطاغوت في العراق.

وكان الإمام الخميني رض والإمام الخامنئي يقارعون يزيد زمانهم وطواغيت العالم في إيران الإسلام.

وكان السيد الحوثي يهز عروش الكافرين في البحار ويذيقهم بعضأ من بأس عمه العباس عليه السلام من اليمن ..

وكان السيد نصر الله حامل اللواء وراس حربة معسكر الحسين عليه السلام، يدمرهم من جبال لبنان وترتجف فرائصهم من باسه..

وفهمت لماذا قبل جدي يد الطفل الصغير، لأنه من تلك الشجرة الطاهرة، ويحمل نفس الروح ونفس النور، ولانه من أبناء الخيام الملتهبة …

وعادت تلك الخيام الملتهبة، لتصير حصونا للعز والمقاومة ورفض الظلم في إيران والعراق ولبنان وسوريا واليمن والبحرين..

وما زال أبناء الخيام الملتهبة بملئون الأرض عزا، وما زال صوت الحسين عليه السلام.. يتردد بأصوات سادة المقاومة وحملة العز وأبناء الخيام الملتهبة..

هيهات منا الذلة…

١٢-٥-٢٠٢٤

Check Also

المرجعية الدينية تطلق مبادرة لدعم مرضى النازحين

أطلق مكتب المرجع الديني الأعلى سماحة السيد السيستاني في بيروت مبادرة جديدة تهدف إلى تقديم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *