زيد الحسن ||
مفهوم الدولة الاساسي هو أنها صاحبة النفوذ الذي يبسط الامن ، رغم أن هناك مئات من التعريفات الاخرى التي تسبق هذا المفهوم ، وما إن تدخلت الشركات في امن البلد حتى يصبح قريباً جداً من التحول الى شركة ، وينسلخ عن مفهوم الدولة .
مجلس الحكم العراقي هو ثاني هيئة ادارية تشكلت بعد سلطة الائتلاف الدولي ، وهذا المجلس هو أس الدمار الذي نعيشه اليوم ، هذا المجلس هو من اسس قواعد ورسم خارطة بعيدة كل البعد عن نهج الدولة وعن واجباتها الاساسية التي خلقت من اجلها ، واثار هذا التأسيس ستكتمل فصوله لاحقاً بعد ان يتعرض العراق الى نكبة لاسامح الله ، نكبة لم يحسب لها حساب ، وعلى سبيل وضع مثال للنكبات قد يهبط سعر النفط ويستمر الهبوط لفترة طويلة وقتها سيعلم من ينكر مقالي عن ماذا كنت اتحدث ، فنحن اليوم نعيش وسط قرارات واضحة المعالم بتحويل كل مفاصل البلاد الى شركات تحت غطاء ( الاستثمار ) والمستثمر .
مجلس النواب ؛ هذا المجلس صاحب اضخم ميزانية استهلاكية في الموازنة ، ماذا له وما عليه ؟، ولنأخذ جميع دوراته البرلمانية ونحصي عدد قراراته ونحلل نفعها وفائدتها للبلد ، والنتيجة واضحة للعيان لاشيء ابداً مقارنة بما استهلك هذا البرلمان من اموال خيالية ، والسمة الغالبة لهذا المجلس هي الثراء الفاحش الذي لاينكره احد ، الثراء لكل من دخل هذه ( القبة )وخرج منها ولو لاشهر فقط ، والمصيبة ان جميع القرارات التي تتخذ من قبل الحكومات هي تشبه الى حد ما العقوبات الصارمة التي تنزل فوق رؤوس اصحاب الدخل المتوسط والفقراء ، ومجلس النواب لايتدخل فيها ولايرى او يسمع ، وكأن واجبهم هو القراءات لقوانين لن تنتهي مابقي الليل والنهار ، تلك القوانين التي تعاد صياغتها وابتكارها من اجل مصالح الطبقة السياسية الحاكمة .
المستشفيات العراقية طعامها وتنظيفها وادويتها ليست بيد وزارة الصحة بل بيد ( الشركات ) ، ليس وزارة الصحة فقط بل جميع الوزارات في العراق دخلت ابوابها الشركات واصبحت الاموال في جيوب من شرع هذه القوانين او سكت عنها ، وتبقى حصة المواطن هي ( العدس ) و( النشا) والرز ( التايلندي )، وحتى رواتب الموظفين والمتقاعدين اصبحت بين سندانين سندان شركات الماستر كارد وسندان ارتفاع الاسعار ، واليوم اضيفت مطرقة جديدة وهي مطرقة رفع سعر الوقود ، واتت هذه الزيادة بعد اسبوع واحد من قرارات الغرامات المرورية التي ظاهرها حضاري وباطنها استنزاف المواطن .
من يتمعن جيداً في الوضع الاداري للبلد سيدرك تماماً ان العراق اصبح شركات ، وان جميع مفاصل البلد قد تمت السيطرة عليها من قبل هذه الشركات الاستثمارية ، وان المواطن هو من عليه تحمل الاستنزاف لان اصحاب هذه الشركات هم مايسمون انفسهم ( الطبقة السياسية الحاكمة ) الا ما رحم ربي .