أنجز ثلاثون خطاطا عراقيا من مختلف محافظات العراق كتابة المصحف الشريف، في مشروع يتضمن زَخْرَفَة المصحف وكتابته وفقًا لأعلى معايير الجودة الفنية، باهتمام بالغ بنوعية الورق، حجم المصحف، نوع الحبر المستخدم، وقياس القلم الذي يكتب به الخطاطون، مما اضفاء على العمل الفني لمسة عراقية خالصة.
المعرض الذي أقيم تحت عنوان “الخط القرآني” جاء بمشاركة 30 خطاطًا من مختلف محافظات العراق. يهدف المشاركون إلى كتابة المصحف الشريف بأيدٍ عراقية، في مشروع يتضمن زَخْرَفَة المصحف وكتابته وفقًا لأعلى معايير الجودة الفنية.
يولي المشروع اهتمامًا بالغًا بتفاصيل مثل نوعية الورق، حجم المصحف، نوع الحبر المستخدم، وقياس القلم الذي يكتب به الخطاطون، مما يضفي على العمل الفني لمسة عراقية خالصة.
الخط انطلق من العراق
وأشاد وزير الثقافة بمبادرة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، التي تتعلق بإطلاق موسوعة الخط العربي بالتعاون مع منظمة الأسسكو الإسلامية. المشروع، الذي سينطلق قريبًا في بغداد، يهدف إلى جعل العاصمة العراقية قِبلةً للخطاطين من مختلف أنحاء العالم وعاصمة للخط العربي، مؤكدا على “أهمية هذه المبادرة في تعزيز دور العراق في فن الخط وتاريخه العريق”.
ودعا وزير الثقافة الوقفين السني والشيعي إلى المساهمة في طباعة هذا المشروع الفني والثقافي، موضحا أن “هذه الخطوات ستسهم في عرض الأعمال خلال المعارض الدورية وحفظها في دور المخطوطات، لتبقى شاهدًا على إبداع الخطاطين العراقيين في مجال كتابة القرآن الكريم”.
وشهد المعرض حضور عدد من الشخصيات الرسمية والفنية، من بينهم وكيل الوزارة لشؤون الفنون قاسم طاهر السوداني، ومدير عام دائرة الفنون العامة قاسم محسن حسان، ووكيل الوزارة فاضل محمد حسين، بالإضافة إلى مدير عام دائرة المرافق السياحية عبدالقادر الجميلي، والنائب فوزي أكرم.
ليست المشاركة الأولى
وتحدث الخطاط عبد الله حسين الحمداني في تصريح للإعلام الرسمي تابعته “الغدير”:، عن تجربته في المشاركة بمعرض “الخط القرآني” الذي أقيم بالتعاون مع مؤسسة ابن البواب للفنون الإسلامية ودائرة الفنون العامة”، موضحا أن “مدة كتابة المصحف تختلف بين الخطاطين بناءً على مهارة كل شخص ومدة تدريبه على الجزء المكلف بكتابته”، مشيرا إلى أن “المدة تتراوح عادة بين شهرين إلى ثلاثة أشهر”.
وحول مشاركته في كتابة المصحف، قال الحمداني: “تم تكليفي بكتابة الجزء الثالث من القرآن الكريم عبر القرعة، وقد استغرقت العملية حوالي 50 يومًا من التحضير والكتابة وإضافة الرتوش النهائية”.
وأضاف، أن “جميع المشاركين استخدموا خط النسخ، وهو الخط الذي يُكتب به القرآن الكريم، لتوحيد الأسلوب بين الخطاطين”.
مؤسسة ابن البواب
من جهته تحدث أمين سر مؤسسة ابن البواب للفنون الإسلامية عن مشروع كتابة المصحف الشريف، والذي يعد واحدًا من أهم المبادرات التي قادتها مجموعة من الخطاطين العراقيين. وأوضح حسين عبد الله، أنه “في البداية كانت المجموعة تلتقي أسبوعيًا في قاعة المتحف الحضاري في قشلة المتنبي لتعليم الخط العربي مجانًا لكل من يرغب، ومن هنا انبثقت فكرة كتابة المصحف الشريف”.
وأشار بحديثه إلى أن “أحد الحاضرين اقترح فكرة كتابة المصحف الشريف، ولاقت الفكرة قبولاً واسعًا بين الخطاطين، إذ أن غاية كل خطاط هي كتابة مصحف خاص به، وبدون دعم من أي جهة رسمية، تبنت المجموعة المشروع وقامت بتوفير الورق والأحبار وجميع المستلزمات الأخرى اللازمة لتنفيذه وتم تسجيل أسماء الخطاطين المتطوعين من الحاضرين، وتم التواصل مع زملائهم في المحافظات لإكمال العدد المطلوب”.
وأوضح، أنه “تم جمع 30 خطاطًا وخطاطة بالإضافة إلى أكثر من 5 خطاطين في الاحتياط من مختلف محافظات العراق، وشرعوا في كتابة المصحف خلال شهر رمضان المبارك واستغرق إكمال الكتابة فترة تتراوح بين شهرين إلى ثلاثة أشهر، حيث لم يكن الخطاطون متفرغين تمامًا، ولديهم التزامات وظيفية وأسرية”.
وتم الانتهاء من كتابة النسخة الأولى من المصحف الشريف في عام 2023 بمساهمة مجموعة من أبرز الخطاطين العراقيين، ومن بينهم، احمد امرلي، حازم فرحان السنجري، احمد عبود، فؤاد السامرائي وغيرهم من المبدعين، وأكد أمين السر أن “المصحف كُتب بخط النسخ، وهو الخط الأكثر ملاءمةً لكتابة القرآن الكريم نظرًا لقدرته على استيعاب الحركات الإعرابية وعلامات الوقف والإدغام، مما يساعد في تحقيق القراءة الصحيحة. بالإضافة إلى ذلك، تم الاتفاق على توحيد عرض الأقلام، نوع الحبر، التسطير، والمسافات بين الحروف لضمان تجانس النص وتناسقه الفني”.
القرآن بيد عراقية
واندهشت ميساء احمد، وهي إحدى الحاضرين، بالإنجاز الكبير الذي حققته المؤسسة خلال فترة زمنية قصيرة. قائلة بحديثها: “لقد استطاعت المؤسسة بعمرها الفتي أن تحقق ما لم تحققه المسابقات والمهرجانات الدولية، وهو إنجاز مصحف متكامل يخلّد حقبة من تاريخ العراق”.
وأشارت إلى أن “مشاهدة الصفحات المباركة لخطاطي المؤسسة قد أثارت الأمل والتفاؤل بأن الخط العربي ما زال بخير بفضل جهود العاملين في المؤسسة، ومشاكرة خطاطة انثى معهم هو شيء مهم”، معتبرًة أن “هذا الإنجاز يمثل عودة قوية للخط العربي إلى بغداد، حيث ما زالت أرواح رواد الخط العراقيين مثل ابن مقلة وابن البواب والمستعصمي وغيرهم، تحف بخطوات خطاطي المصحف الشريف، وتمنحهم الثقة لاستمرار مسيرتهم”.