التعداد السكاني في العراق.. خطوة استراتيجية لتعزيز الاقتصاد وتحسين الخدمات

تهدف الحكومة من خلال التعداد السكاني العام المزمع تنفيذه في شهر تشرين الثاني المقبل إلى تطوير السياسات الاقتصاديَّة وتحسين مجالات الصحة والتعليم والسكن والخدمات عبر توفير خارطة متكاملة وبيانات دقيقة عن تلك القطاعات.

ويرى مختصون في الشأن الاقتصادي أن التعداد يسهم بتوجيه الاستثمارات إلى المناطق التي تحتاج إلى تطوير البنية التحتية والخدمات الأساسية، كما يوفر للقطاع الخاص في العراق معلومات دقيقة بشأن التوزيع السكاني لتحديد الأسواق المحتملة وتحديد القوى العاملة.

وتأتي أهمية هذا التعداد العام كونه الأول بعد تعداد عام 1987، الذي اشتركت فيه جميع المحافظات، تبعه إحصاء عام 1997 الذي أجري دون مشاركة محافظات إقليم كردستان.

عضو منتدى بغداد الاقتصادي عبد العزيز الحسون قال: إن التعداد السكاني يعد الجزء الأهمَّ في أيّ خطط أو برامج تضعها الحكومة، إذ يهيئ لها القدرة على توزيع فعاليات التنمية والإعمار بين جميع المدن وفق الاستحقاق.

وأكد أن التعداد السكّاني يوفر مؤشرات حقيقية لتوزيع مشاريع التنمية بين مختلف المديات المتوسطة والطويلة المدى، وفقاً لمعدلات الزيادة السكانية التي تُحسب وفق مؤشرات خاصة، والتي هي في العادة بحاجة إلى مواجهة وتهيئة مسبقة لتوفير متطلبات رفع مستواها المعيشي والاجتماعي.

وأشار إلى أن التعداد يوفر قاعدة بيانية لأعداد الذكور والإناث ومعدلات الأعمار لتكون الصورة واضحة في ما يتعلق بمتطلبات الفئات العمرية من الطفولة إلى الكهولة، فضلاً عن دليل العمل الذي يوفره التعداد والذي واصلت السلطات إقامته منذ العام 1927 وتوالى إلى العام 1987، في تحديد الفئات العمرية لتحديد احتياجاتها من الغذاء والتعليم والصحة والنمو الاجتماعي.

أما الخبير الاقتصادي سيف الحلفي فقال: إن التعداد السكاني من الأدوات الأساسية التي تستخدمها الدول لتحديد مواردها البشرية وتوزيع السكان حسب الأعمار والجنس والجغرافيا، إذ يعد التعداد السكاني أمراً حيوياً لفهم التركيبة الديموغرافية لأيّ دولة، لاسيما إذا كانت الدولة في طور إعادة البناء مثل العراق.

وأضاف أن معرفة عدد السكان وتوزيعهم بين الذكور والإناث والكتل العمرية المختلفة يساعد في تحديد أولويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في بلد غني بالموارد الطبيعية مثل النفط والغاز والكبريت والفوسفات، إذ يمكن أن تؤثر التركيبة السكانية في الاقتصاد الوطني بشكل مباشر.

وأشار إلى أن التعداد السكاني يوفر البيانات الدقيقة التي تسمح للحكومة والمخططين الاقتصاديين بتطوير سياسات مناسبة تخدم السكان، وهنا يمكن للاقتصاد الوطني أن يستفيد من معرفة عدد الشباب والبالغين الذين يدخلون سوق العمل كل عام، وهذا يسهم في تصميم سياسات اقتصادية للدولة تهدف إلى خلق فرص عمل جديدة.

وعن تأثير توزيع الكتل الشبابية والأعمار في الاقتصاد بيَّن الحلفي أن العراق يتمتع بنسبة عالية من السكان الشباب، وهو ما يُعرف بـ”العائد الديموغرافي”، وهذه الفئة الشابة إذا تم توجيهها بشكل صحيح من خلال التعليم والتدريب وفرص العمل وأهم شيء توفير وخلق فرص عمل يمكن أن تصبح رافعة للنمو الاقتصادي.

وأوضح أن التعداد السكاني يقوم بتوفير بيانات بشأن توزيع الكتل الشبابية وأعمارها، مما يسمح للمخططين بمعرفة الفئات العمرية الأكثر نشاطا والتي يمكن أن تشارك بشكل أكبر في عملية الإنتاج، كما يمكن أن تسهم هذه البيانات في تحديد القطاعات الاقتصادية التي يمكن أن تستفيد من القوى العاملة الشابة، مثل قطاع التكنولوجيا والابتكار.

وبشأن توزيع الجنس وأثره في الاقتصاد العراقي لفت إلى أن معرفة عدد النساء مقابل الرجال في كل فئة عمرية تعدّ عاملاً مهماً في التخطيط الاقتصادي، إذ يسهم تمكين النساء من المشاركة في سوق العمل في رفع معدلات الإنتاجية وتقليل الفجوة بين الجنسين في المشاركة الاقتصادية، إذ أظهرت البيانات أنَّ النساء يشكلن نسبة كبيرة من الشباب العراقي، يجب أن توجّه السياسات نحو تسهيل انخراطهن في القطاعات الاقتصادية المختلفة.

ونبّه إلى أن القطاع الخاص في العراق يمكن أن يستفيد بشكل كبير من معرفة التوزيع السكاني لتحديد الأسواق المحتملة وتحديد القوى العاملة المتاحة، حيث يمكن للشركات تحديد المناطق التي تحتوي على نسبة عالية من الشباب المدربين، مما يسهل على هذه الشركات توظيف العمالة المناسبة.

شاهد أيضاً

إتحاد الاذاعات والتلفزيونات الاسلامية يستنكر الاستهدافات الممنهجة للاعلام والاعلاميين في لبنان وفلسطين

استنكر إتحاد الاذاعات والتلفزيونات الاسلامية اليوم الثلاثاء الاستهدافات الممنهجة للاعلام والاعلاميين في لبنان وفلسطين ويقف …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *