القمامة..من أوجه الحياة..!

حسين الذكر ||

يقال ان احدهم قرر بناء دار للعبادة .. هيء له جميع المستلزمات من افضل المناشيء وخصص ميزانية ضخمة ، معتقدا ان صرف المليارات في هذا الملف يقربه الى الله اكثر بل ويشفع له ويغفر ملفات ذنوبه المتراكمة اشبه – بمجاميع سراق الحياة اللذين يتفننون بصناعة الدمع والحسرة والخوف على وجنات الناس فيما يتكالبون بموسم الحج يزاحمون عباد الله برمي الجمرات .. اعتقادا منهم بلجم الشيطان الذي في داخلهم كانها مقايضة بين الدفع والجنة – لم ينبهه احد بان الله غني عن العباد .. وافضل ميدان لعبادته يتجسد بخدمة الناس والمجتمع .. وتحسين بيئته .. الادهى من ذلك ان الرجل رفض بناء مكانا ( لقضاء الحاجة ) معتقدا ان النجاسات لا ينبغي ان تكن في دار العبادة .. لم يوافق الا بعد ان شرحوا له ان للحياة مقتضيات وحاجتنا ( للمرحاض ) كحاجتنا لمكان الوضوء كلاهما يؤديان نفس الغرض .. وتجميع ومعالجة القمامة لا يقل شانا عمن يوزع الثواب .. فالحياة منظومة متكاملة افلح من وعاها واستوعب معناها ..
في العالم المتحضر لا شيء يترك سدا كل بثمن ولعلة تسير جنب الأدوات والاذرع الأخرى .. ان تعطل احدها اثر على جميعها .. فترى اهتمام تلك الحضارات بملف القمامة وما تفرع من ثقافتها والإفادة منها وحرق الفائض غير المفيد .. جزء أساس من علمنة الواقع وتوظيفه لخدمة الناس ..
اذا ما استثنينا بعض مناطق العرب فاننا – للاسف الشديد – نجد اغلب مدننا تعج حد الاستغراق في اكوام القمامة .. العملية ليست وليدة اليوم ولم تنشء جراء الإهمال والنسيان بل هي مطروحة منذ زمن واتخذت عدد كبير من اللجان وصدرت القرارات التي أخفقت جميعها – حتى الان – بمعالجة ملف القمامة وتحويله الى ما يفيد البيئة ويطور المجتمع ويخدم الناس .. فقد اصبح جراء الاجندات الخارجية والداخلية حالة مرضية مستعصية تصيب كبد المجتمع وتتلف الكثير من اجزائه الحيوية بعد ما سلطوا ومكنوا بعض الطارئين الذي ليس لهم علاقة بالملف مما جعلهم يستفيدوا منه لخواصهم وذواتهم وتحقيق شهواتهم .. على حساب مصالح البلد العليا وتلك علة أخرى مستشرية في بلاد امة النور الذي ندعي ونحن بعيدين جدا عن ملامس ضياءه ..
لذا ينبغي ان يتولى انظف الناس خلقا ومنطقا وسلوكا .. الاشراف على ملف القمامة لاهميته وما يكتنفه من امراض مجتمعية خطيرة .. اذ لا ينتظر من جاهل يهدينا الى سبل علمية .. او ان ينظف شوارعنا ممن يرتع بجهل الامية .. ففاقد الشيء لا يعطيه .. ومن لا يعي خطورتها لا يمكن ان يفكر بالخلاص منها .. ومن تذوق طعم السكر لا يشتهي العلقم .. ومن سكن القصور ليس كمن يبات على الرصيف . !

شاهد أيضاً

‘الأونروا’: سكان غزة فقدوا كل مقومات الحياة

قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن سكان قطاع غزة “فقدوا كل مقومات الحياة”، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *