محمد الجاسم ||
(77)
ـ أكَّدُ الأستاذُ على الدرسِ الأولِ !
الأفعالُ المُتعدِّية هي الأفعالُ الَّتي تتجاوزُ الفاعل إلى مفعولٍ بهِ، ومنها ما يتعدى بنفسه، فلا يكتملُ معناه إلَّا بذكرِ المفعولِ بهِ، والفعلُ (أَكَّدَ) من الأفعال المُتعدِّية بنفسها، دون الحاجة الى التعديةِ بحرفِ جرّ، ومنها ما يتعدّى بحرف جرّ، فترى البعض يقول : ( أكَّدُ الأستاذُ على الدرسِ الأولِ )، وهذا غلط شائع، لأن الفعل ( أكَّدَ ) من الأفعال التي تكون تعديتها إلى مفعولهِ مُباشرة، لذا علينا أن نقولَ : (أكَّدُ الأستاذُ الدرسَ الأوَّلَ) ، أو( أَكَّدَ الْقُرْآنُ مُسَاوَاةَ النَّاسِ فِي حَقِّ الْعِلْمِ وَالتَّعَلُّمِ)، ولم يقل ( أَكَّدَ الْقُرْآنُ على مُسَاوَاةِ النَّاسِ فِي حَقِّ الْعِلْمِ وَالتَّعَلُّمِ).
وقال ابن الخيّاط:
” وأكَّدَ عقدَكَ أنَّ الجَمِيـ …. ـلَ ليسَ لبانيهِ أنْ يهدِمَهْ “.
ـ دونَ .. و ..مِنْ دونِ !
مِنَ الأغلاطِ اللُّغويَّةِ الشَّائعةِ القول: (خرجتُ إلى الحربِ مِنْ دونِ سِلاح )، إذا كان المقصود ( بغير سلاح )، بإدخال حرف الجر(من) على (دون)، وهذا غير جائز، والصّواب: (خرجتُ إلى الحربِ دُونَ سِلاح). ورصدنا هذا الاستخدام المغلوط في مطلع قصيدة حديثة للشاعر العراقي عبدالرزاق عبدالواحد، يقول فيها:
” مِنْ دونِ ميعادِ
مِنْ دونِ أن تُقْلِقَ أولادي
أطرق عليَّ الباب
أكون في مكتبي
في معظم الأحيان “،
وكان الأجدر بالشاعر أن يقول :
( دونَ ميعادِ
و دونَ أنْ تُقْلِقَ أولادي ).
أما ( مِنْ دون ) التي وردت كثيراً في كتاب الله المجيد، فإن لها بحثًا آخرَ في التفسير.
ورُبَّ قولٍ.. أنفذُ مِنْ صَوْل .
(78)
نسمع ونقرأ الكثير ممن يستخدمون كلمة ( بعض ) مُعرَّفةً بأل التَّعريف ، كقولهم : (البعضُ من الناس لا يتورّعون عن الكذب )، وهذا غلط شائع، الصَّواب أن يقال: (بعضُ الناس لا يتورّعون عن الكذب ) فكلمة (بعض) لا تدخلها (أل التَّعريف)؛ لأنَّها في نِيَّة الإضافةِ. الحكمُ ذاته مع كلمةِ (غير)، فلا تدخُلُها (أل التّعريف). وليس من الصواب القول:
( لا نتداولُ الأحاديثَ الغيرَ مفيدةٍ )، بل الصواب أن يقال : (لا نتداولُ الأحاديثَ غيرَ المفيدةِ).
قال تعالى:
” صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ” 7 ـ الفاتحة .
وقال الشاعر عليُّ بنُ الجهم:
” وَسَل غَيرَ مَمنوعٍ وَقُل غَيرَ مُسكَتٍ … وَنَم غَيرَ مَذعورٍ وَقُم غَيرَ مُعجَلِ “.
ـ جمعُ مفعولٍ .. ( مفاعيل .. مفعولات ).
اختلفَ باحثونَ ونحويّون حول جمع (مفعول) على (مفاعيل)، مثل: (مشروع، مشاريع)، (موضوع، مواضيع)، (مكتوب، مكاتيب)، (منشور، مناشير)، وبما أن الأصل في اسم المفعول الذي يأتي على وزن ( مفعول ) مثل موضوع ، و مشروع ، أن يكونَ جمعَ تصحيح ، وليسَ جمعَ تكسير ، فنقول في جمعه ( موضوعات ) و ( مشروعات )، وهذا هو الأشهر ، وهو القياس ، فالقاعدة : أن ما يجوزُ جمعُهُ جمعَ تصحيحٍ ( مفعولات ) يُستغنى به عن جمعِ التكسير ( مفاعيل ) والصَّواب جمعُها على (مفعولات)، مثل: (مشروع – مشروعات) ،(موضوع – موضوعات)، (مكتوب – مكتوبات)، (منشور- منشورات)، ولذلك وحدِهِ ، اصْطَلَحَ النحاةُ تسميةَ ( منصوبات الأسماء) و (مرفوعات الأسماء) و (مجرورات الأسماء)، ولم يقولوا ( مناصيب) و ( مرافيع ) و ( مجارير).
ورُبَّ قولٍ.. أنفذُ مِنْ صَوْل .
(79)
ـ أَبْلَهُ .. بُلَهاءُ !
ذلك من الغلط أن بعضَهم يجمعُ (الأبْلَهَ) (بُلَهاءَ) , لأن (أَفْعَل) الذي مؤنثه فَعْلاء , كأبْلَه و بَلْهاء، لا يجوز أن يُجْمَعَ جمعَ تكسيرٍ، إلّا أن يقال : ( بُلْهٌ )،( فُعْلٌ ) , أما ( بُلَهاء ) فهو جمعُ (بَلِيه) كـ(عريفٍ ـ عُرَفاء)، أو (بالِهٌ) كشاعرٍ ـ شُعَراء , و(بَلِيه) و ( بالِه ) ليس لهما وجودٌ في لغتنا العزيزة , فالصوابُ أن يُجْمَعَ (الأبلهُ) على ( بُلْهٍ ), كما يُجْمَعُ (الأحمقُ) على (حُمْقٍ) , و (الأعْرَجُ) على (عُرْجٍ).
قال الشاعر ابنُ نباتةَ المصري:
” مِنْ كُلِّ أبْلَهَ لكنْ ما لِفِطْنَتِهِ … كالبُلْهِ في هذه الدنيا إصاباتُ “.
المُشِين (اسم فاعل).. والمَشِين (اسم مفعول)!
من غيرِ المقبولِ أن نقولَ : (هذا فعلٌ مُشِين – بضمِّ الميم ، بصيغة اسم الفاعل, لأنه ليس بين أفعال اللغة (أشانَ) ،و إنما الفعلُ الصحيحُ ( شانَ ) و( يَشِينُهُ ) شَيْناً، بمعنى : عابَهُ. وعليه، فالصوابُ أن يقال : (عَمَلٌ شائِنٌ) بصيغة اسم الفاعل ,أي أنه عَمَلٌ يَعيبُ صاحبَهُ، أو : (عَمَلٌ مَشِينٌ) ـ بفتح الميم ـ بصيغة اسم المفعول ، أي أنه عَمَلٌ يَعيبُهُ الناس و يَشِينُونَهُ.
قال الشاعر عمادُ الدينِ الاصبهاني:
” فَزَيْنٌ أمْرُ راجيهِ المُوالي … وشَيْنٌ شانَ شائِنَهُ اللعينُ “.
ورُبَّ قولٍ.. أنفذُ مِنْ صَوْل .
(80)
ـ همزةُ القَطْعِ .. و .. همزةُ الوَصْلِ.
يقع الكثير منا ، وأنا أحدهم ، في الغلط الإملائي الشائع، في رسم الهمزة الابتدائية، دون أن نلتفت إلى هل هي همزة وصل أم همزة قطع. وبمرور سريع لتعريفهما نقول، إن همزة الوصل تقع في أول الكلمة ويثبت لفظها عند الابتداء بها، ويسقط عند وصل الكلمة بما قبلها، أي تُنطَق نطق همزة القطع في بداية الكلام، ولا يُنطق بها في حال الوصل بينها وبين الكلمة التي قبلها، ولا تُرْسَمُ هذه الهمزة، بل تُكتب بهيئة حرف الألف، بهذا الشكل ( ا ) ، وسُمِّيَتْ همزةَ الوصل لأنها تصل بين الكلمة وما قبلها. وثمة اختبار يسير لمعرفة أي الهمزتين أمامَنا لوجوب رسمها من عدمه في الكتابة ، نكتب قبل الكلمة المُراد تمييز نوع الهمزة فيها أحدَ حَرْفَيْ العطف (و) أو ( فـ) ،فإذا نطق القارئ صوت الهمزة (أَ، أُ، إ) من حلقه أثناء النطق، كانت همزة قطع، أمّا إن انتقل من حرف الواو أو الفاء فوراً إلى الحرف الذي يلي الهمزة التي بدأ بها الكلمة، دون أن ينطق بصوت الهمزة، كانت همزة وصل.
قال تعالى (كشاهد على همزة الوصل):
” قِيلَ ٱدۡخُلِ ٱلۡجَنَّةَۖ قَالَ يَٰلَيۡتَ قَوۡمِي يَعۡلَمُونَ” ( 26 ـ يس .
وقال الشاعر دعبل الخزاعي:
” وَعَدُّوا عَلِيّاً ذَا الْمَناقِبِ وَالْعُلا … وَفاطِمَةَ الزَّهْراءَ خَيْرَ بَناتِ
وَحَمْزَةَ وَالْعَبّاسَ ذَا الدِّينِ وَالتُّقى … وَجَعْفَرَهَا الطَيّارَ في الْحَجَباتِ “.
وقال تعالى (كشاهد على همزة القطع):
” خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ”
7 ـ البقرة .
وقال الشاعر عبدالحسين الجاسم (رحمه الله) في رثاء أمير البلغاء والفصحاء (عليه السلام):
” أمْ قدْ تعفَّتْ رسومٌ كنتَ تعهَدُها … حصنَ الشريدِ ومَقرى الجائعِ الضَّرِمِ
أَفْصِحْ هُديتَ عن الأشجانِ إنَّ بِنا … شَجَى شَجٍ مِنْ فعالِ الدَّهْرِ مُهْتَضَــمِ “.
ورُبَّ قولٍ.. أنفذُ مِنْ صَوْل .