يستذكر العراقيون اليوم الذكرى الـ20 لوفاة سفير الإعتدال عميد المنبر الحسيني الشيخ الدكتور “أحمد الوائلي” الذي أنشأ مدرسة خطابية إمتازت بالجمع ما بين البحث العلمي والخطابة الحسينية والشعر والأدب مع شواهد من الواقع ومراجعات وتحليلات تأريخية وأخلاقية وعقائدية بعيدة عن التشنج وإثارة النعرات الطائفية.
أحمد بن حسون بن سعيد بن حمود الوائلي، رجل دين وواعظ معاصر عند أهل الشيعة، ولد في مدينة النجف 3 أيلول 1928م، حاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة القاهرة، يلتقي نسبه مع الرسول محمد –صلى الله عليه واله وسلم- في الجد الأكبر كنانة بن خزيمة، حصل على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية، ومن ثم التحق بكلية الفقه، وفي وقت لاحق أكمل تعليمه في الدراسات العليا ليحصل على شهادة الماجستير في العلوم الإسلامية، ومن ثم أكمل تعليمه بالحصول على شهادة الدكتوراه من كلية دار العلوم في جامعة القاهرة، وفي النهاية حصل على درجة الأستاذية.
ينتمي الشيخ أحمد الوائلي إلى قبيلة الكناني، وهي واحدة من أقدم العائلات التي سكنت العراق، حيث أنّ آل وائل التي ينتمي إليها الشيخ أحمد واحدة من أفرع بني ليث، والتي يرجع أصلها لقبيلة كنانة، فمن الجدير بالذكر أنّ الجد الأكبر لهذه القبيلة هو كنانة بن خزيمة بن مدركة، والذي يعود نسبهم إلى بني عدنان، حيث أنّ هذه القبيلة يمتد نسبها إلى سيدنا إسماعيل –عليه السلام-.
نشأتُه ودراستُه :
نشأ ودرس الشيخ الوائلي في مدينة النجف الأشرف ، والتي من المعروف أنها من المعاقل العلمية الإسلامية، منذ أن اختارها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) عاصمةً للخلافة الراشدة وحتى يومنا هذا، فكان لنشأته فيها الأثر الأكبر في مسيرة حياته، حيث جمع ما بين الدراستين الحوزوية والأكاديمية.
دراستُه الأكاديمية
بدأ تعليمه النظامي في مدرسة الأمير غازي الابتدائية في مدينة النجف، ثم أكمل الدراسة الثانوية في ثانوية منتدى النشر فتخرّج منها عام 1952.
ثم أتمّ تعليمه الجامعي في كليّة الفقه (المتأسسة عام 1957 والتابعة لجامعة بغداد) وتخرّج منها حاصلاً على البكالوريوس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية سنة 1962.
ثم اجتهد ليرتقي إلى الدراسات العليا فقصد العاصمة العراقية بغداد ليدرس في أعرق الجامعات العراقية والجامعة الأم جامعة بغداد (التي تعود لبنات تأسيسها الأولى إلى العام 1908) فحصل منها على شهادة الماجستير في الدراسات الإسلامية من معهد الدراسات الإسلامية سنة 1968 عن رسالته الموسومة (أحكام السجون بين الشريعة والقانون).
ثم قرر أن يُصوّب وجهته العلمية إلى إحدى أفضل الجامعات العربية والعالمية وهي جامعة القاهرة (المتأسسة عام 1892 وهي ثاني أقدم جامعة عربية من بعد جامعة الأزهر، ومن أول 500 جامعة في العالم) وفيها سما الشيخ الوائلي أكاديمياً فحصل على شهادة الدكتوراه في العلوم الإسلامية من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة عن اطروحته الموسومة (استغلال الأجير وموقف الإسلام منه) سنة 1972م. وهي أول شهادة دكتوراه تُمنح في وقتها إلى أول خطيب منبرٍ من مدينة النجف ومن جمهورية العراق.
ولم يكتفِ بهذا القدر فأكمل أبحاث الترقية العلمية لما بعد الدكتوراه دارساً علوم الاقتصاد ليحصل عام 1975 على دبلومات عالية فيه، منها الدبلوم العالي من معهد الدراسات والبحوث العربية في العاصمة المصرية القاهرة (المتأسس عام 1952 والتابع لجامعة الدول العربية).
تم تعيينه أستاذاً للعلوم الإسلامية والاقتصاد الإسلامي وباشر التدريس الأكاديمي الجامعي في تخصص علوم القرآن وتفسيره في الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية بلندن ICIS (المتأسسة عام 1987) وأشرف على العديد من أبحاث التخرج ورسائل الماجستير وأطاريح الدكتوراه فيها.
دراساتُه الدينية
درس الشيخ الوائلي العلوم الإسلامية والحوزوية حينما بدأها بدراسة علوم القرآن الكريم وحفظ آياته على يد شيوخ الكتاتيب في مدينة النجف الأشرف ومنهم أستاذه الشيخ عبدالكريم قفطان الذي علّمه حفظ القرآن الكريم في مسجد الشيخ علي نواية في منطقة سفح جبل الطمة في النجف.
ومن ثم درس مرحلة مقدمات العلوم العربية والإسلامية كاللغة العربية وعلومها، والفقه والعقائد والأخلاق، وبعض العلوم الصرفة، وكان أساتذته في هذه المرحلة كلاً من : الشيخ علي ثامر – الشيخ عبدالمهدي مطر – الشيخ هادي شريف القرشي – الشيخ علي محمود سماكة – الشيخ محمد سعيد مانع – الشيخ علي ثامر الخاقاني – الشيخ عبد الجليل العادلي – السيد كاظم الحبوبي – السيد كاظم كشكول.
ثم انتقل إلى مرحلة السطوح العليا بدراسته لأصول الفقه والفقه المقارن والفلسفة والمنطق، ومن أساتذته في هذه المرحلة : السيد علي مكي العاملي – السيد محمد تقي الحكيم – الشيخ علي كاشف الغطاء – الشيخ محمد حسين المظفر – الشيخ محمد رضا المظفر – الشيخ محمد تقي الايرواني – الشيخ حسين زاير دهام.
ثم أنهى دراسته الحوزوية بمرحلة البحث الخارج فحضر المباحث الفقهية ومباحث الأصول الفقهية لكبار المجتهدين من المراجع في وقتها أمثال : آية الله السيد محسن الحكيم، وآية الله الشيخ محمد طاهر آل راضي، وآية الله الميرزا السيد حسن البنجوردي، وآية الله السيد محمد باقر الصدر، ثم آية الله السيد أبو القاسم الخوئي.
أبدع الشيخ أحمد في ترتيب الكلمات وتأليف الكثير من الدواوين الشعرية، حيث أنّ له الكثير من الكتب المطبوعة في المجالات الدينية، ومن أبرز الكتب والمؤلفات الخاصة به هي:
- هوية التشيع.
- دفاع عن الحقيقة.
- نحو تفسير علمي للقرآن الكريم.
- تجاربي مع المنبر.
- من فقه الجنس في قنواته المذهبية.
- أحكام السجون بين الشريعة والقانون.
- استغلال الأجير وموقف الإسلام منه.
- الخلفية الحضارية لمدينة النجف.
- الأوليات في حياة الإمام علي.
- مباحث في تفسير القرآن الكريم.
الشيخ أحمد الوائلي تُوفي عن عمر ناهز الأربعة وسبعون عاماً، حيث أنّه توفي بتاريخ 14 تمّوز 2003م، شارك في جنازته عشرات الآلاف من المسلمون ، فقد عُرف عنه بأنّه رجل دين وخطيب حسيني وواعظ معاصر، وها نحن نُعاصر الذكرى السنوية التاسعة عشر لوفاته.